العواقب تضعف الشكوى

أينما تحركت و توجهت تصادفك مخالفات لا تعد ولا تحصى.. وهي إن دلت على شيء فإنها تدل على لا مبالاة شديدة ناتجة عن ضعف تطبيق الإجراءات الرادعة على مدار عدة سنوات خلت بحق من يتجرأ على ارتكابها للتلاعب بأساسيات عيش الناس الذين أضناهم غليان الأسعار لدرجة لم تعد دخولهم المحدودة مهما علا سقفها تجاري تلبية عشرها.
إن ذهبت لأسواق المواد الغذائية تجد جرأة فجة في الجشع وفرض أسعار كاوية.. والغريب أن معظم التجار لا يزالون يصرون على الأسعار الباهظة وعدم تخفيضها إلى الحدود المقبولة انسجاماً مع تحسن سعر صرف الليرة الكبير الذي حدث بفضل فاعلية عدة إجراءات حكومية اتخذت بهذا المجال.
حتى إن أفران الخبز التمويني الخاصة لم تتوانَ عن التلاعب بتخفيض وزن الربطة توازياً مع عدم اكتراثها بجودة الرغيف إلى المستوى الذي يليق بالبشر.
وفي سوق الألبسة يلاحظ أن الأسعار تمترست على ارتفاعها ولم يتزحزح الباعة عن تخفيضها على الرغم من حالة الكساد التي تسودها لكون أولويات الناس في هذه الفترة تأمين لقمة عيشها.. كذلك الأمر في محال العصرونية والأدوات الكهربائية المنزلية وحتى قطع التبديل لمختلف الأغراض، حيث لا تزال تشهد فوضى في التسعير لا مثيل لها وأكبر دليل على ذلك التفاوت الكبير في سعر القطعة نفسها من محل لآخر.
وقطاع المحروقات يعد من أبرز عناوين التلاعب في ظل عدم وفرة المواد بسبب الحصار الجائر.. فهذه المحطة تتقاضى زيادة في السعر وتلك تتلاعب بالكيل فيما السوق السوداء منتعشة وبأسعار فلكية، وعلى صعيد أجور النقل فالفوضى لا حدود لها وهي تفرض من السائقين بأكثر من ضعفي التسعيرة النظامية.
إذا تطرقنا في هذا المجال إلى ثقافة الشكوى عند المواطنين فهي لا شك ضعيفة.. لكن ذلك ليس لأن المواطن كسول.. إذ كيف له ألّا يبالي وهو من يتجرع مرارة مخالفات التلاعب والجشع والاستغلال والغبن الحاصلة؟.. وإنما هناك ما يبرر له ذلك وهو الخوف من العواقب ضمن الظروف الراهنة، حيث هناك احتمال كبير بأن يتعرض للأذى من المشتكى عليه، وحالة الخوف هذه يبديها الكثيرون كلما دار الحديث عن سبب عدم تقديمهم الشكاوى لدى الجهات المعنية.
بعد صدور المرسوم 8 الذي يشدد في مواده العقوبات للحدّ من مخالفات الأسواق هناك أمل بأن يكون تطبيقه صارماً ولا يستثني أحداً وألا يبقى تنظيم الضبوط رهينة شكوى المواطنين التي تضعفها العواقب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار