مأثرة الجلاء العظيم
نقف في هذه اللحظات المفعمة بالفخر، لنحيي ونستذكر مأثرة الجلاء العظيم التي سطرها أجدادنا على امتداد ساحة الوطن، قدموا خلالها قرابين الشهداء كي يتحقق الاستقلال وإجلاء قوات الاحتلال الفرنسي عن ترابنا الطاهر.
عيد الجلاء كما قال الشاعر بدر الدين حامد، هو الدنيا وزهوتها.. لنا افتخار وللباغين إرغام.
هو العيد الذي لا يجب أن يغيب عن أذهاننا لحظة واحدة، أو يتراجع في زحمة الحياة وانشغالنا في مواجهة أعباء الحياة أو الإرهابيين والمحتلين الجدد والدواعش والمرتزقة، وحتى أذناب هؤلاء كلهم في الداخل.
صحيح أن الجلاء وعظمته حاضران في الذاكرة وكتب التاريخ وميادين الوطن وساحاته وهضابه، وفي قصص الآباء، لكن رغم كل هذا لا يجب أن يغيب أو يتراجع من عقل أي طفل سوري أو أي طفلة سورية لأن الوطن تاريخ وتاريخنا مشرف صنعه أجدادنا بعرق ودم لكي ننعم بوطن مستقل حر له مكانته بين الأمم.
أبناء شعبنا كلهم ثوار حقيقيون، وكل من صنع الاستقلال، وسار في طريقه، هو رمز ومنارة لنا، أسماؤهم كثيرة ومحفورة في الذاكرة، قارعوا المستعمر الفرنسي بشرف وإخلاص وقاوموا في وحدة وطنية قل نظيرها مخططاته التي ترمي إلى التقسيم والتفتيت والاستغلال ودق الأسافين البغيضة بين أبناء الشعب الواحد والهوى الواحد، متوجين مسيرة الاستقلال.
هذا الشعب الذي دحر فرنسا، وواجه آلتها العسكرية بصدور عارية، وإيمان لا يتزعزع، ولقن جيشها ومرتزقته دروساً في المقاومة والمعارك، يمضي اليوم، ولسان حاله يقول لن نكون إلا كما أراد هؤلاء الأجداد ولن يكون وطننا إلا سليماً موحداً، وستزول هذه الدمل من الجسد السوري ويرحل الغزاة والطامعون.
ما أشبه اليوم بالأمس، وما أشبه الإرهابيين ورعاتهم الذين ينهبون مقدرات السوريين بجنود الاحتلال الفرنسي الذين ما إن وطئت أقدامهم أرض سورية عام 1920 حتى بدؤوا بسرقة قوت المواطنين ومصادرة الأملاك والمحاصيل الزراعية وخيرات السوريين.
ما أشبه اليوم بالأمس وقوى الشر والعدوان والإرهاب بعضها هو نفسه، وبعضها الآخر غير لبوسه، تتكالب مع أذناب العمالة والخيانة والتآمر والتضليل على سورية في محاولة لتخريب وتدمير المنجزات والمكتسبات التي حققتها على مدى سنين طويلة وهم يظنون أن سورية ستكون بفعل الحرب عليها لقمة سائغة متناسين أنها كانت وما زالت شوكة قاسية في حلق كل حاقد وطامع فيها.
اليوم في خضم الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على الإرهاب، يمضي شعبنا الأبي بصموده الأسطوري ووقوفه خلف خيارات دولته رغم اشتداد العقوبات الاقتصادية الظالمة، ومحاصرة السوريين في لقمة عيشهم. شعب شب، كما آباؤه وأجداده، عزيمته لا تلين وإصراره أقوى على طرد الإرهاب وتطهير التراب السوري من دنسه ودنس أذنابه، وإعادة الحياة إلى طريقها الصحيح.
شعب آمن بالوطن وحريته ويعشق الشهادة، ويزف شهداءه كما العرسان لا يمكن له أن يقبل بأقل من الاستقلال والتحرير الكامل طال الوقت أم قصر..