رشات كمون ..!

ظلت الطاقات المتجددة رهن دراسات مكلفة تودع عادةً في الأدراج أو تعرض في مؤتمرات يبذخ فيها لتنتهي فعالياتها بلا أي زبد يبشر بتطبيقها فعلياً حتى مع التدمير الإرهابي الممنهج لقطاع الكهرباء وما نتج عنه من تقنين تسبب بضرر كبير للصناعة، التي يصارع أهلها لتشغيل معاملها على نحو ينقذ الاقتصاد المحلي والمواطن من معيشته المتردية.
وعلى مبدأ “أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً” أعلن من حلب ضرورة زيادة الاستثمار في الطاقات المتجددة كونها الحل الأمثل للخلاص من كابوس التقنين غير “المحمول” بعد وضع حجر الأساس لمحطة توليد كهروضوئية في مدينة الشيخ نجار الصناعية، ليكن ذلك مقدمة لتوسيع الاستثمار بهذا المجال الحيوي، حيث يعد بلدنا غنياً بموارده المهدورة، والمأمول توظفيها على ذمة المعنيين الذين شددوا بالتوجه إلى الطاقات المتجددة وخاصة في القطاع الصناعي بالتزامن مع إصدار تشريعات قريباً لإلزام الصناعيين بتأمين جزء من الكهرباء من “المتجددة” وإحداث صندوق لدعم الطاقات المتجددة ومساهمة وزارة الكهرباء بدعم فوائد القروض، وهذا أمر مبشر وخاصة عند التنفيذ الفعلي واعتماد المواطنين على هذه الطاقات في إنارة بيوتهم، فهي وإن كانت مكلفة بداية لكنها تبقى أرحم من تجار الأمبيرات والليدات، والتساؤل المشروع هنا: هل ستكون هناك عين يقظة ورقابة مشددة لتكون منتجات الطاقة المتجددة المستوردة – لكون إنتاجها المحلي حالياً قليلاً – “نظيفة” وليست “نخب عاشر” ولا سيما إذا دخلت في دوامة المحتكرين كغيرها من السلع عند تفضيل تجار بعينهم عند إبرام صفقات التوريد الدسمة، وهذا أمر يجب أخذه بعين الحسبان لضمان تحقيق عوائد مالية مجزية لخزينة الدولة والحفاظ على مال المواطن المحدود بدل شفط التجار المحتكرين الثمار بالتعاون مع شركائهم الفاسدين.
البدء في الاستثمار بالطاقات المتجددة رغم العثرات والانطلاق في ظروف صعبة يعد خطوة جيدة، لكن السير الصحيح بها واعتمادها على نطاق واسع يفرض أن يراعى عند إطلاق قرضها الخاص أحوال المواطن المادية المحدودة بحيث يقدر على شرائها لا أن تكون حكراً على فئات اجتماعية معينة، فما الفائدة إذا كان “الجمل” بليرة ولاتوجد هذه الليرة، فطالما بقي التقنين رهن الحصار الاقتصادي الجائر يجب أن تكون البدائل متاحة وخاصة أن إنارة حياتهم ستكون من جيوبهم، فهل ستفي وزارة الكهرباء بوعدها الجديد عبر استثمار آمن للطاقات المتجددة وتشغل المعامل والبيوت المظلمة أم إن التقنين والتقصير سيظلان يحكمان المعيشة اليومية مع الكثير من رشات الكمون.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار