المتعة على جناحين..!
قد يتعثر أكثر من كاتب درامي في تقديم شخصية فنية ما، كشخصية الفنان التشكيلي في مسلسله، لكن عين الناقد أو المحلل الفني يفترض بها عدم غفلتها عن ذكر الأعمال التي تقدم الشخصيات الإبداعية بمقاربة متقنة، والاكتفاء بذكر المقاربات الضعيفة التي تشوّه هذه الشخصية الفنية، أو تلك.
فمع الأسف يغفل بعض النقاد عن مسلسلات قدمت شخصية الفنان التشكيلي بشكلٍ متقن، على اعتبار أن هذه الشخصية قد قدمت كثيراً بشكلٍ مشوّه وغير مقارب لحقيقتها، فلنا في المنحى المتقن مثال قديم وشهير ضمن مسلسل “ذكريات الزمن القادم” للكاتبة ريم حنا والمخرج هيثم حقي التي جسدها الفنان غسان مسعود، عام 2003، ومثال جديد من رمضان عام 2018 الذي شهدنا فيه عرض مسلسل “رائحة الروح” للكاتب أيهم عرسان، وإخراج سهير سرميني، لشخصية فنان تشكيلي وفي الوقت ذاته هو مدرس في كلية الفنون الجميلة، مرسومة بشكلٍ متوازن ولافت للنظر، جسّدها الفنان فراس إبراهيم، أمّا أن لا نستذكر سوى الأعمال التي قاربت هذه الشخصية بمعالجة ضعيفة وتسيء لها، فهذا أمر يهضم حق الدراما التلفزيونية والسينمائية في آن واحد.
لكن أن يقدّم مسلسل ما، شخصية صحفي/ة أو طبيب/ة أو محامي/ة أو مهندس/ة، إلى آخره، يقدمهم على أنهم من دون ضوابط أخلاقية تنظم حياتهم، لأنهم لا يفكرون بغير الحصول على المكاسب المادية، فهذه هي الدراما، لأن تلك حالات موجودة في المجتمع، فهم وغيرهم ليسوا من جنس الملائكة، لكن تقديمهم وهم يجهلون أبجديات مهنتهم، يعدّ كارثة درامية.!
وفي حقيقة الأمر إن ما يجعل أغلب المشاهدين تواقين لمتابعة هذه الشخصية أو تلك من التي تمت الإشارة إليهم، رغم تكرار حضورها، بغض النظر عن تصنيفهم في خانة الإيجابية أو السلبية، هو المعالجة الجديدة للكاتب في مقاربته هذه الشخصية أو تلك، ضمن إطار مقنع لا مغالاة فيه.
ومدعاة ما سبق أننا ننتظر ما ستجود به غداً مسلسلات موسم رمضان لهذه السنة من شخصيات، وما هي المقاربة التي ستحظى بها، والتي نتمنى أن تأتي بشكلٍ متقن ومشوّق، وأن تُجسّد بشكل لافت، فالمتعة لا تأتي إلاّ على جناحين من الإتقان الفكري والفني الذي نتمنى توافره في إنجازات هذا الموسم الدرامي.