في الأمس القريب وزارة التجارة الداخلية قدّمت رواية جديدة مضمونها تعديلات مهمة على قانون حماية المستهلك, وهذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الوزارة روايات التعديل, بقصد التماشي مع أحوال السوق وهول مخالفاتها .. !
أفكار أدخلت إلى القانون ومواد أضيفت, وعقوبات تضاعفت, وغرامات زادت فوق المخالفين, من بعض التجار منها أعمال غش وسرقة, وحالات التعدي على حقوق المواطنين, بالمأكل والملبس والمشرب, وحتى المواد المدعومة من قبل الدولة رافقت كل حلقات التعديل, وعدّلت كل عقوباتها في السابق ولمرات عدة, إلا أن الأمر مازال على حاله ..!
نسمع بآلاف الضبوط , ومئات الإغلاقات وعشرات قرارات (الزج بالحبس) لتجار وصناعيين خالفوا قانون السوق, والحال ذاته مستمرون في الغش والمخالفة , وخاصة من تجار نموا على كتف الأزمة ومازالوا مبدعين باستغلال حاجات الناس, في ظل تداعيات حرب كونية وحصار اقتصادي ظالم , وعقوبات ظالمة طالت الحجر قبل البشر.
كل ذلك يدفعنا لمزيد من الأسئلة, إذا كانت كل التعديلات لخدمة السوق وحماية المواطن, ومكافحة الغش والتدليس والسرقة, وقمع الفساد ومرتكبيه في الأسواق, وقانون الحماية وكل تعديلاته السابقة واللاحقة سخرت لهذا الأمر, فلماذا أمام كل تعديل يكثر نشاط المخالفين, وتزداد معه حرامية السوق , وترتفع أسهم الضبوط والإغلاقات وحال السوق من (سيئ إلى أسوأ) بدليل ما يحدث في السوق أسعار المواد« ولعت», تجار يتحكمون بالمواد, احتكار وامتناع عن البيع, إلا بحسابات (التقريش وفوضى الصرف) وغيرها من مخالفات لا يعلمها إلا فاعلوها وأهل الدراية والخبرة من رقابتها..!؟
والسؤال الأهم: العلة في التعديلات أم في طريقة التطبيق والترجمة على أرض الواقع ..! أم العلة في ثقافة وفهم معادلات السوق التي تفرضها قضايا مصلحة الأطراف المتحكمة فيها ..!
أكيد الإجابة ليست عندي, أو عند المواطن, بل في حضن حماية المستهلك صاحبة كل تعديل وتطبيق ومن يعاونهم من أهل السوق..!
بدليل التعديلات السابقة كلها واضحة وصريحة, والجديدة أكثر وضوحاً, الحبس لسنوات, والغرامات بملايين الليرات, والحماية تستفيض في الشرح وبعض حالات استجداء التجار, علماً أن مفردات التعديل لا تحتاج لكثير من الشرح , بل تحتاج لمعالجة العلة في التطبيق أولاً, و«شوية» إرادة وأخلاق من تجارنا ثانياً (مع احترامنا للجميع) ..!.