كلُّ شيء ضاق

من يقل لك «بسيطة»، سواءً أكانت بصيغة مواساة أو تطييب خاطر أو تخفيف وطأة الأمر الواقع، حينها مُباشرةً، ومن دون أي تردد، وبلا أدنى إحساس بالذنب، ناوله على وجهه بما في يمينك، حتى لو كانت اسطوانة غاز فارغة ما زلت تنتظر «تشريف» رسالتها الميمونة منذ أكثر من شهرين، ولا تكتفي بذلك، بل حاول تصحيح ترتيب عصبونات دماغه الصغير، الذي لم يستوعب حتى الآن أنها «ليست بسيطة نهائياً».
ومن يبتسم في وجهك، وبكامل ثقته، يخبرك أنها «بتهون»، ما عليك في تلك اللحظة، سوى أن تفعل ما بوسعك لإزالة تلك الابتسامة الشيطانية من على وجهه، وأن تُشرِّح له سيرورة الإحباط التي نعيشها، «من طقطق وحتى السلام عليكم»، ومن الأفضل أن تصل معه إلى مرحلة يكفّ فيها عن «طق الحنك» الخاص به، ولو اضطررت في سبيل ذلك إلى حشو فمه بنصف كيلو رز إعاشة لا يتناقص دور حصوله وحصولك على مثيله إلا لُماماً.
أما من يتلفَّظ أمامك بعبارة «ما بعد الضيق إلا الفرج»، حينها من واجبك أن تُنعش ذكرياته عن الضيق، من ضيق العَيش، وضيق مساحته الشخصية في مواصلات النقل الداخلي، إلى ضيق الخلق من أولاده الذين عطَّلت مدارسهم، وتعزز نشاطهم، وضيق الحال أمام طلبات زوجته التي لا تنتهي، خاصةً عندما تُقارن نفسها بجاراتها، وزوجها الموظف بأزواجهم التجار، وأيضاً ضيق النَّفَس على نافذة الفرن، وضيق الروح مع إعتامات الكهرباء المتزايدة يوماً بعد يوم، والضيق الذي أصاب حتى أحلامه الليلية وحوَّلها إلى كوابيس مديدة تُطبق على صدره، وغيرها الكثير، بحيث تمنعه منعاً باتاً من إعادة لفظ تلك العبارة، وتقنعه بأن يُحوِّرها إلى مقولة «كل شيء ضاق.. ضاق حتى ضاق».
ومن يتفوَّه في حضرتك بجملة «شدّة وبتزول»، أو «من رضي عاش»، أو أمثالهما، أعتقد بات لديك فكرة عن كيفية التعامل معه، لذا أترك لك ولإبداعك تحديد الطريقة الأمثل في توعيته وإنعاش بصيرته.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار