استثمار وهمي..!!!
يلاحظ المتجول في مناطق وجود أبنية مشيدة منذ سنوات, ومازالت غير مأهولة, ومن دون إكساء, ومع ذلك تشيد أبنية حديثة, وتبقى أيضاً من دون إكساء، أو كما يقال «على العضم».
بالطبع لن ندخل في متاهة الأعداد ولعبة الأرقام لتلك الشقق والأبنية، لكن المصادر تؤكد أن نسبتها كبيرة، باعتقادي أن هذا الواقع ينطبق على محافظات أخرى، ما يعني ذلك أن هناك أموالاً طائلة تم تجميدها في كتل بيتونية وأبنية صماء، فالبعض من أصحاب رؤوس الأموال, ومنهم «حديثو النعمة» من تجار الأزمات ذهبوا إلى شراء العقارات والأبنية والشقق السكنية ظناً منهم أن ذلك أفضل طريقة لحفظ أموالهم وأرصدتهم من أي تقلبات اقتصادية، أو من التضخم الذي يمكن أن يلتهم رأس المال في النهاية، ما أدى إلى زيادة الطلب على الشقق والأبنية السكنية، وجعل أسعارها ترتفع بشكل جنوني وغير منطقي، وأعتقد أن هذا النوع من الاستثمار هو استثمار وهمي وغير منتج لأنه لا يحقق تنمية، في حين نحن في أمس الحاجة إلى استثمارات منتجة، حيث يتم توظيف رؤوس الأموال بمشاريع استثمارية منتجة ومولدة للسلع التي تحقق قيمة مضافة، وتساعد في النمو الاقتصادي والخروج من عنق الزجاجة لهذا الغلاء الفاحش.
البعض هرب إلى هذا الاستثمار الوهمي لأنه يرى فيه مجالاً أسرع للثراء، والابتعاد عن المشاريع الاستثمارية بسبب التعقيدات والصعوبات والعصي التي توضع في الدواليب والروتين القاتل أثناء العمل للحصول على التراخيص لأي مشروع.. نسمع من الجهات المعنية عن تشجيع الاستثمار وتسهيل الإجراءات لدعم المنتج المحلي لكن للأسف لاتزال تلك الدعوات لا ترقى للمستوى المطلوب.
وعلى سبيل المثال هناك دعوات كثيرة للاهتمام بالزراعة, وتطوير الإنتاج الزراعي، لكن بسبب الحصار الجائر والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية أصبحت أسعار أدوات ومستلزمات الإنتاج تحلق عالياً وبشكل غير منطقي, ولم تعد بمتناول الكثير من المزارعين، وكذلك فقدان وصعوبة تأمين الأسمدة والأدوية وغلاء أسعارها الجنوني منع دخول منتجين جدد في دائرة الإنتاج الزراعي, ويهدد بخروج الكثيرين من هذه الدائرة بسبب عدم القدرة على تحمل التكاليف الباهظة، فمثلاً كيلو البندورة يباع حالياً في سوق الهال 600 -700 ليرةفي حين تكلفته ما بين 1000-1200 ليرة أي بخسارة مضاعفة بسبب التكاليف الباهظة والمرهقة.
لذلك نحن في أمس الحاجة للدعم الحقيقي وتسهيل الإجراء الفعلي للمزارعين.