شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في الأيام الماضية عدة حوادث هزت وعود الأمن والاستقرار التي تعهد بها بايدن للأمريكيين أولها اقتحام مبنى الكابيتول الذي يضم مجلسي النواب والشيوخ بحافلة أودت بحياة ضابط شرطة وقتل المهاجم وهذه هي المرة الثانية التي تخترق بها حرمة السلطة التشريعية، السلطة الأعلى في البلاد وأهم رموز السيادة والهيبة الأمريكية.
والحوادث الأخرى المتزامنة كانت إطلاق نار في عدة ولايات ذهب ضحيتها عدد من الأشخاص أبرزها إطلاق نار عشوائي في متجر بمدينة بولدر بولاية كولورادو قتل فيه ما لا يقل عن عشرة بينهم شرطي وحتى عيادات الأطباء لم تنج من إطلاق النار كما حدث في عيادة طبيبة في ولاية مينيسوتا شمال الولايات المتحدة قبل شهر قتل في الحادث شخص وأصيب أربعة آخرون حالة بعضهم خطيرة ما يشي بفلتان أمني واسع واضطرابات تتزايد في الداخل الأمريكي على خلفية التمييز العنصري وخطابات الكراهية والتوترات التي أججتها رئاسة ترامب ومازالت مستمرة.
لكن الأخطر هو ظهور ترامب لأول مرة بعد مغادرته البيت الأبيض على الويب بمنصة إعلامية جديدة له تنقل تغريداته وقد حرض في التغريدة الأولى أنصاره على إدارة بايدن التي سرقت منه الفوز بالانتخابات الرئاسية وتوعد هذه الإدارة بالعودة إلى السلطة قريباً طالباً من مناصريه الالتفاف حوله وهذا يعيد الولايات المتحدة إلى موجات جديدة من الاضطرابات وعدم الاستقرار والدخول في أزمة انقسامات لها أول وليس لها آخر.
هذه الأجواء القلقة والمضطربة في الولايات المتحدة تشير إلى وجود أزمات عميقة في الداخل الأمريكي قد تكون هي السبب وراء تصدير إدارة بايدن لها إلى الخارج وقد تمثل ذلك بتهديد الصين وبتحريض أوكرانيا لإشعال فتيل الحرب مع روسيا وإعلان واشنطن والناتو دعمهما عسكرياً لكييف ما ينذر بحرب واسعة بعد التحذير الروسي لأوكرانيا إذا ما أقدمت على العدوان والتفكير باستعادة جزيرة القرم.
في مطلق الأحوال زمن الهيمنة والعنتريات الأمريكية قد ولى وأضحت كلمة القوى الصاعدة من روسيا إلى إيران والصين ودول “بريكس” الأخرى قادرة على كسر الصلف الأمريكي ولاسيما على وقع الضعف والتآكل والانقسامات والاضطرابات المتوقعة على صعيد الداخل الأمريكي.