على وقع استمرار ارتفاع مؤشر بورصة السلع الأساسية من دون اكتراث بانخفاض سعر الصرف كما يحصل دوماً في السيناريو المشابه خرجت دعوات ومبادرات «لطيفة» من كل حدب وصوب تحاكي ضمائر التجار النائمة وخاصة مع قرب قدوم شهر رمضان الكريم الذي للأسف لا يمر عادة من دون استثمار بركته في شطف أرباح إضافية عبر إعداد لائحة أسعار مبهّرة العيارات تترك غصات معيشية إضافية لم يعد بالمقدور تحملها.
تجارب السوق «المنفلت» طوال سنوات الحرب على سورية تشير بالدليل القاطع إلى أن مبادرات «الطبطبة» لا تجدي نفعاً حتى لو كانت «مدعومة» من الغرف التجارية، التي بدأت تدعو تجارها إلى تخفيض أسعارهم بلا أي استجابة حتى الآن، فحال الأسواق الفوضوية لا تضبطها مبادرات كتب لها الفشل الذريع سابقاً بشهادة غلاء غير مسبوق يقصم الظهور، فلو كان تجار الأزمات يقدرون خطورة أفعالهم الجشعة في مثل هذه الظروف الاستثنائية لما بادروا إلى زيادة أسعار بضائعهم وتشديد طوق الغلاء على معيشة المواطن، وبالتالي إفاقة إنسانيتهم ببضع الكلمات الناعمة لن يحقق أي أثر يذكر على الأسواق، التي تحتاج حالياً إلى رفع جرعات العقوبات على المخالفين وفرض الجهات المعنية كلمتها بحزم بعيداً عن ضبوط التموين وعقوبتها الخفيفة المتمثلة بـ25 ألف ليرة، حيث يبادرون إلى دفعها مع «حبة مسك» لكونها لا تشكل «من الجمل أدنه» عند تحصيل «الكوشات» الكبيرة وتحديداً أوقات الأزمات المستجدة، فمن اعتاد فكرة «أنا ومن بعدي الطوفان» لن يتحرك ضميره قيد أنملة إلا عند إلزامه بالقوة والضرب بيد من حديد على كل من يتاجر بلقمة العيش ويتلاعب بمقدرات الاقتصاد المحلي لمصالحه الشخصية.
تخفيض الأسعار إلى مستويات مقبولة تناسب الدخول الشهرية ، يتطلب سحب بساط إدارة الأسواق من «لصوص العيش» وإعادة بوصلتها إلى الجهات المعنية على أن تكون قادرة على تحمل مسؤولياتها وخاصة لجهة حماية المستهلك فعلاً، وطبعاً هذا يوجب نفض هيكلة وزارة التجارة الداخلية وآليات عملها المترهلة وتحديداً مراقبة الأسواق وتسعير السلع، مع ضرورة إبصار مشروع قانون حماية المستهلك النور بعد سنوات من المماطلة كرمى عيون التجار لكون العقوبات الموجودة في صفحاته ليس من صالحهم وشركائهم الفاسدين، لذا جلّ ما يأمله المواطن الصابر تغير حال السوق لصالحه وخاصة خلال أيام شهر رمضان لعله يظفر بعيش طقوسه المباركة ولو من قريبه بعد كف يد تجار الأزمات عن معيشته، فهل بإمكانه الحلم بإنجاز هذه الأمنية المحقة قريباً أم إنه سيبقى يصارع طواحين الغلاء بجيوب فارغة.. وسارقو الخيرات يقطفون الثمار؟!.
rihabalebrahim@yahoo.com