جرعة تفاؤل
يبدو أن جرعة التفاؤل تكون كبيرة وزائدة لدى بعض البلديات، مع بداية حلول موسم الربيع، فتبدأ نشاطاتها بزراعة الأرصفة والمداخل بالورود ونباتات الزينة والأشجار والشجيرات المختلفة، وإضافة بعض الأحجار والصخور التزيينية، وغيرها من المشاريع التجميلية، لكن للأسف هذه الجرعة التفاؤلية لا تدوم طويلاً، ولا تلبث أن تخمد ، ونرى انعكاس ذلك على الشجيرات والورود المزروعة، حيث تتعرض لليباس والموت ولا يبقى منها إلا طويل العمر، والسبب طبعاً قلة الاهتمام والرعاية والسقاية.
وبالطبع تُرصد أموال لا بأس بها لتلك المشاريع بحجة التزيين وتحسين الواقع والمظهر الجمالي للمدن والبلدان، والهدف «الاستراتيجي» لتلك البلديات هو تحسين الواقع السياحي كما تدعي بعض الجهات، لكن للأسف تلك المصاريف والأموال تذهب سدى و أدارج الرياح، والسبب كما نوهنا هو قلة الاهتمام والمتابعة، وهذا المشهد يتكرر كل عام مع بداية موسم الربيع موسم التفاؤل.
فعلى سبيل المثال قامت وتقوم بلدية اللاذقية سنوياً بزراعة مدخل المدينة بالورود والشجيرات الصغيرة والأشجار، وكذلك قامت سابقاً بمشروع جميل ورائع للري بالرذاذ والتنقيط للحدائق والمنصفات المزروعة بالورود والكازون، لكنها في نهاية المطاف أصبحت أثراً بعد عين.
وكذلك بلدية جبلة زرعت مداخل المدينة بأشجار «الفيكوس الجميلة» وقامت بالعديد من حملات التشجير للمساحات الفارغة، وكذلك بمشاريع إنارة تزيينية قديمة وحديثة للمداخل والأرصفة، لكن للأسف كان مصيرها «بح» اختفت عن الوجود بسبب السرقة واستهتار بعض ضعاف النفوس وقلة المتابعة، وهكذا أيضاً كان مصير مشروع تزيين الكورنيش البحري لمدينة جبلة، والذي تم تخريبه واختفت الكثير من معالمه.
وهذا الكلام ينطبق على العديد من البلديات الأخرى التي تقوم بمشاريع مماثلة لكنها بعد فترة قصيرة من الزمن تختفي «وكأنك يا أبو زيد ما غزيت» ، فقط هدر للأموال ، والنقطة الأساسية لنرى انعكاس هذه اللمسات الجمالية على المدن والبلدان لا بد من المتابعة والاهتمام لنضمن استمراريتها، وإذا تعذر ذلك لسبب أو لآخر فمن الأفضل عدم هدر تلك الأموال بل على العكس الأفضل توظيفها في أماكن أخرى نحن في أمسّ الحاجة إليها الآن، كزيادة الاهتمام بواقع النظافة وتحسين واقع الشوارع والأرصفة المخربة.