عشر سنوات من الحرب على بلدنا استهدفت كل المقدرات الاقتصادية والخدمية للمواطن ما فرض حاجة ماسة لزيادة فاعلية القطاع العام وإعادة تموضعه الحقيقي , ضمن التركيبة الاقتصادية المتنوعة والتي تشكل بنية الاقتصاد الوطني وخاصة مؤسساته الاقتصادية التي شهدت حالة من الترهل (بفعل فاعل..!) على امتداد العقود الماضية, وخاصة فيما يتعلق بقضايا الإنتاج والتسويق والتي تدخلت تحت مسميات وعناوين براقة في السوق ولكن دون تحقيق الغاية الأساسية من وجودها, نتيجة اختلاف الفقهاء والقائمين على إدارتها تجاه الأسلوب والطريقة اللتين تتعامل بهما مع السوق , وهنا لا نريد أن نقلل من أهمية تلك المؤسسات بقدر ما نريد تحقيق فاعلية أكبر لها من خلال إعادة برمجة جديدة لآلية التعاطي مع السوق وعودة ثانية لها وفق نظرية التخصص, ولعب كل منها دورها في تأمين حاجة السوق من السلع والخدمات وفق منظور اقتصادي متكامل ,لا مجال للاجتهاد فيه , بل منحه المرونة في الحركة وتلبية المطلوب في الظرف والزمان اللذين تفرضهما الضرورة, أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية .
فالواقع الحالي, وحالة الانكشاف الكبيرة التي تعاني منها عملية التدخل الإيجابي تحت مسمى التسويق المباشر وما يعانيه من ضعف في الوصول إلى الغاية والهدف في زيادة الانتشار الجغرافي وتوسيع دائرة التدخل الإيجابي بالصورة المطلوبة يؤكد الضرورة الملحة لعودة المؤسسات التسويقية السابقة إلى الميدان مجدداً, ويكشف أيضاً الحاجة الماسة لوجود حالة من التخصص في العمل لكل مؤسسة وإحداث شركات تسويقية جديدة مهمتها التدخل المباشر تحت إشراف جهاز حكومي يتمتع بصلاحيات واسعة للتدخل السريع والابتعاد عن الشعارات الرنانة التي تفرغ عملية التدخل من مضمونها الاجتماعي والاقتصادي ..
وبالتالي تحقيق ذلك يسمح بعودة هيبة المؤسسات الإنتاجية والتسويقية إلى السوق وتأمين حالة تفاعل إيجابية بين كل مفرداتها تترجم باتجاه تأمين المطلوب للمستهلك من جهة , وتحقيق التوازن الفعّال والمستمر من جهة أخرى , إلى جانب تحقيق المعادلة الاقتصادية لكل إجراء في السوق .. فهل من آذان مصغية تسمع هذا الكلام وتعيد أمجاد المؤسسات السابقة..!؟
Issa.samy68@gmail.co