لم يعرف العمل التطوعي المحلي نشاطاً بهذا الشكل الواضح والواسع كالذي انتشر خلال سنوات الحرب على سورية، خاصة مع بداية الإعلان الرسمي عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا قبل سنة من اليوم.
المبادرات الأهلية التطوعية موجودة في سورية قبل بدء الحرب عليها، ولكن مع استمرار الحرب على البلاد وما أفرزته تلك الحرب من آثار سلبية على حياة السوريين نشطت تلك المبادرات، واتسعت رقعتها لتشمل كل المحافظات، والهدف الرئيسي لها مساعدة الأسر على الاستمرار في الحياة.
ومع تفشي فيروس كورونا وجد المجتمع الأهلي نفسه معنياً بمساندة الجهود الحكومية المبكرة للتصدي للمرض فتتالت المبادرات التطوعية وتعددت في المحافظة الواحدة في إطار مبدأ التكافل الاجتماعي والمساعدة وتقديم الدعم للفئات الأكثر تضرراً من الوباء.
العديد من هذه المبادرات تبناها شباب، وانطلقت من الأحياء السكنية، وانتشرت لتشمل جميع المحافظات بعناوين كثيرة استجابة لاحتياجات المواطنين بالتزامن مع الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا المستجد، ما يعكس وعي الشباب السوري وتحمله لمسؤولياته المجتمعية في مختلف الأوقات، ويدل على قيمه الراسخة رغم المحن والشدائد في بلد يواجه حرباً مفروضة عليه منذ عشر سنوات.. فالتطوع في سنوات الحرب على سورية خلق نموذجاً من أبناء الوطن واستقطب المزيد منهم إلى هذا العمل الإنساني الذي لم يكن في يوم من الأيام مرتبطاً بزمان ومكان معينين، بل كان مستمراً بكل الظروف والأزمات خدمة لأفراد المجتمع ممن هم بحاجة للمساعدة.
باختصار.. لعبت المبادرات الرسمية والأهلية دوراً مهماً في مجال التوعية والتثقيف والتصدي للأخبار المزيفة والشائعات الكاذبة، معتمدة على مصادر المعلومات الموثوقة بالتعريف بطرق انتشار كورونا وكيفية الوقاية منه، وكان لها دور كبير في مساندة الجهود الحكومية في تعليم الطلاب عن بُعد خلال فترة العزل الصحي والإغلاق الجزئي واستقبال مرضى كورونا وتقديم العلاج والدواء وأسطوانات الأوكسجين لهم مجاناً، والقيام بحملات تعقيم ونظافة في الأحياء والشوارع والحدائق وتوزيع الكمامات والمعقمات على المدارس والمقرات الرسمية وتقديم السلل الغذائية والطبية للعائلات المحتاجة وغيرها الكثير من المبادرات في المجالات المختلفة والتي أراد أصحابها أن تبقى طي الكتمان ورهن السرية بالتوازي مع أخرى مازالت مستمرة علنية وتتوسع مع ازدياد أعداد أهل الخير في المجتمع السوري.