هل نخسر الخبرات؟

أرخى التسرب الوظيفي الذي حدث وبنسب كبيرة خلال السنوات الفائتة لأسباب مختلفة بظلاله الثقيلة على معظم القطاعات وخاصة منها الإنتاجية والخدمية الحيوية، ولا يزال النزيف مستمراً بسبب التقاعد المبكر الذي تصاعد مؤخراً لضعف الرواتب والأجور، ناهيك بالحالات غير القليلة للتقاعد على السن القانونية، لكن الذي سيفاقم المشكلة أكثر فأكثر في الفترة القادمة هو إذا لم يراع تقنين التمديد لمن بلغ سن التقاعد بدقة للحفاظ على جميع الخبرات الفنية التي تحتاجها الجهات العامة في أعمالها النوعية.
والأمثلة على دور الكوادر والكفاءات الوطنية لا تعد ولا تحصى في ظروفنا الراهنة، فإذا بدأنا بقطاع الكهرباء نجد أن القاصي والداني يدرك ما تم إنجازه من أعمال إعادة تأهيل وترميم وتشغيل أجزاء نوعية من منظومته وخاصة محطات التوليد والتوزيع بمختلف أنواعها بيد الكفاءات والخبرات الذاتية وبتكاليف بسيطة جداً قياساً بالتكاليف الباهظة التي كانت تدفع في السابق بالقطع الأجنبي من جراء استقدام شركات صيانة خارجية، ولا تقلّ أهمية الأعمال التي نفذت في مفاصل قطاع النفط من إعادة إعمار وتأهيل المصبات والمصفاة ووحدات التعبئة وخطوط نقل المشتقات.
كذلك الأمر في القطاع الصحي، فكم من مرة قامت الخبرات الوطنية من صلب مديرياته بإعادة إصلاح تجهيزات طبية نوعية تم إخراجها من بين الركام وعادت لتقدم خدمات علاجية مهمة كانت غائبة عن المشافي والمراكز الصحية، والحال نفسها تقاس على قطاع المطاحن والمخابز، فكثيراً ما جرت عمرات لخطوط الإنتاج بخبرات ذاتية وتكاليف بسيطة وهو ما أعاد العديد من الخطوط المتضررة إلى العمل أو زاد من إنتاجية القائم منها.. وقطاع السكك الحديدية على المسار نفسه، حيث قامت كفاءات فنية ذاتية بإعادة إعمار رؤوس قاطرة وسكك وفرت مبالغ طائلة.
أمام ذلك وغيره الكثير لم تتوان الجهات المعنية وعلى أعلى المستويات عن تقدير الأعمال النوعية وتكريم الكفاءات الوطنية على إنجازاتها، والمأمول في هذا السياق مراعاة شمول جميع الكفاءات والخبرات الفنية النوعية في عملية تمديد الخدمة لمن بلغوا التقاعد على السن القانونية بشكل لا يدع مجالاً لفقدان أي من تلك الخبرات الراغبة بالتمديد، وذلك تلافياً لاحتمال حدوث أي انتكاسات نحن بغنى عنها على صعيد العملية الإنتاجية والخدمية في ظل منعكسات الحرب والحصار الظالم على بلدنا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار