حال الجيوب لم يعد تحتمل، لأن الحرب على سورية والحصار الغربي الظالم ذهبت بآمال المواطن أدراج الرياح ، و«الحرابيق» لم ينتظروا وقتاً طويلاً لتعديل قائمة أسعار بضائعهم على مبدأ «أنا ومن بعدي الطوفان» بعد صدور قرار تعديل أسعار البنزين، بجمود واضح شهدته أسواق مدينة حلب بعد تفضيل بعض التجار الامتناع عن البيع لحين تغير لائحة الأسعار, بينما بادر آخرون إلى تسعير البضائع على هواهم على اعتبار أنه لا يوجد من يسألهم عن مخالفاتهم المستمرة، بينما عاد الزبائن المضطرون إلى شراء بعض الاحتياجات أدراجهم والاكتفاء بـ«الفرجة» مع رسم الكثير من علامات الدهشة والاستغراب لما آل إليه حال الأسواق ، نتيجة التردد في قطع يد تجار الأزمات وشركائهم المهربين والفاسدين عن التحكم في لقمة العيش, والتلاعب بالسوق حسب مصالحهم، فالتسهيلات مطلوبة لقطاع الزراعة والصناعة تحديداً في مدينة حلب الذي من شأنه المساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي الذي ينعكس على معيشة المواطن، كما يجب العمل على تقوية شوكة ليرتنا, والعودة إلى ما كنا عليه كمجتمع منتج نأكل من خيرات أرضنا ونلبس من إنتاج مصانعنا لكسر الحصار الجائر الإجراءات القسرية أحادية الجانب الظالمة بدل انتظار منتجات المهربين و«منّية» بعض المستوردين، وهنا وإن كان من واجبنا تحمل تداعيات الحصار، فالظرف صعب لكن في المقابل يفترض محاسبة من تسبب بتفاقم واقعنا المعيشي لأن المستفيد منه قلة قليلة بينما المتضررون كثر.
إن تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي لا يحتاج فقط إلى تجار«رحماء» كما دعت غرفة تجارة حلب تجارها في تعاملهم مع المستهلك، بل يتطلب أيضاً بلورة حلول قوية المفعول توقف التأزم المعيشي وتسهم في «نصرة» من صبر وتحمل الشدائد، لكن اليوم مع معدلات الغلاء المرتفعة ليس بالإمكان تلقي صدمات جديدة, وإن كان «الخد تعود على اللطم»، فلم تعد هناك جيوب لينقض التجار على قروشها القليلة.