تسعير استباقي ..!

ما يحدث على صعيد غليان الأسعار في ظروفنا الراهنة لا ينم إلا عن استمرار التغوّل الشرس لتجار الأزمة الذين لم يتزحزحوا قيد أنملة عن فرض ما يشاؤون على الأسواق من غير أن تأخذهم بالمواطن الفقير لومة لائم في ظل غياب المعايير والضوابط الرادعة.
إن المتتبع لواقع الأسواق يلاحظ أن عملية التسعير منفلتة بلا حدود ولا تتواءم حتى مع تبدلات سعر الصرف الرائجة.. وعلى ما يبدو أن هناك تسعيراً استباقياً يعتمد على الافتراض سلفاً بأن هناك يغيراً قادماً بسعر الصرف ، وعلى وقع الارتفاع اللحظي لأسعار المواد أصيب المواطن الفقير بحمى الشراء لعلّه يلحق بما بقي في جيبه للحصول على بعض السلع الأساسية لمعيشة أسرته.. وهذا ما زاد من جشع تجار الجملة والمفرق على حدٍ سواء ودفعهم للتمادي أكثر فأكثر في فرض الأسعار الباهظة التي يريدون مستغلين ضغط الطلب المتزايد.
لا ينحصر اكتواء المواطن «المعثر» بلظى أسعار المواد.. بل هناك لهيب آخر يطوله من الأجور المشتعلة للمهن التي لم تعد منطقية أبداً ويتم وضعها وتقاضيها «شلف» من قبل المهنيين والحرفيين بمسوغ ضرورة مجاراة ما يسود في الأسواق من أسعار رائجة.. وأصبح الذهاب لأي حرفي لإصلاح أي من التجهيزات المنزلية وحتى الألبسة والأحذية.. أو استقدام أي منهم لإصلاح أي عطل بتمديدات الكهرباء أو الصحية أشبه بالكابوس المرعب، لأن الأجور التي تفرض لا يستوعبها أي عقل ولا يجاريها أي دخل من دخول الموظفين المنهارة.
أمام ما تقدم.. لم يعد مقبولاً الاستكانة لتحكم بعض التجار الفجار بواقع الأسواق وفرضهم الأسعار الفاحشة.. بل المطلوب من الجهات ذات العلاقة أن تعتمد آلية التسعير لمواد المعيشة الأساسية واتخاذ إجراءات صارمة تكفل الأخذ بها من دون أي تهاون أو مواربة، وكذلك العمل على تحديد أجور المهن من تقصير «البنطال» وقص الشعر و«بنشرة» العجلات إلى إصلاح التمديدات والتجهيزات المنزلية وكذلك أعمال الترميم في منازل الفقراء المتضررة من جراء الحرب على سورية .. فهل نلمس إجراءات عملية على هذا الصعيد ؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار