بلا ضمائر
أمام وهج غليان الأسواق وأسعارها الجنونية, وفقدان أي قيمة لأي دخول بمواجهة عاصفة هوجاء ضربت ولا تزال تعصف من كل حدب وصوب, أفرغت الجيوب تماماً, والليرات لم تعد تسد أياً من الاحتياجات الضرورية للعباد, بسبب الإجراءات القسرية أحادية الجانب والحصار الأمريكي على سورية، وما زاد الطين بلّة تمدد سيطرة المتحكمين بلقمة البشر, هؤلاء الذين استغلوا الظروف وحاجة الناس لمؤونتهم المعيشية بفرض أسعار خيالية, لا يتقيدون بأي قرار أو ضمير يردعهم, همهم فقط كيف يتفننون بالاستغلال وأي استغلال..؟!
يسعّرون ويبيعون وفق بورصة أهوائهم وبشكل لحظي, كأنهم مرتبطون بنشرات البورصات العالمية, كل ساعة هناك سعر, وبين بائع وآخر سعر, وبين صالة تدخل إيجابي ومحل خاص أسعار وفوارق ..! حالة أشبه ما تكون بفوضى, قاسمها المشترك الكل الذي يسن سعره, وما على المستهلك سوى الدفع, وأحياناً الابتعاد عن الشراء كلياً مكتفياً بشراء قطعة من كل نوع من الخضار, أما الفواكه فشأنها شأن اللحوم باتت على رف التأجيل إلى حين لا أحد يعلم متى توقيته..!
ماذا حصل لهؤلاء ..؟ فإذا كانت التكاليف وتأمين المواد تكلفهم كثيراً هل يكون ذلك مبرراً لمضاعفة أسعارهم وسداد كل قيم فواتيرهم من رقبة مواطن لم يعد بمقدوره الوقوف وتأمين قوت عياله..؟
كل جهود الإدارات المعنية على أهميتها وتدخلاتها إلا أنها لم تحقق المنشود في حماية المستهلك, فما يحدث فظيع ومؤلم, وفاتورة المعيشة حطمت كل الحواجز والاعتبارات, وما فائدة المناشدات من هنا وهناك لنفوس مريضة مشبعة بأساليب امتصاص دم الناس بلا هوادة أو رحمة, فالتاجر أو المورّد لم يعد مقتنعاً بهامش ربح قليل بل مضروباً بعشرات المرات, والحال نفسه للبائع الصغير«الجملة أو المفرق», والنتيجة يعجز رب الأسرة تماماً عن تجهيز طبخة اليوم, ولا يعرف كيف سيؤمن طعام يوم الغد.؟
تحاول مؤسسة التدخل الإيجابي التخفيف قدر الإمكان عن آلام المستهلك الثقيلة, لكن تطرح بين الحين والآخر مواد غذائية بأسعار معتدلة ليست بذاك الفارق بينها وبين سعر حيتان السوق, إلا أنها ملاذ أمام شريحة واسعة من جمهور المستهلكين, إلا أن الواقع يحتاج تضافر كل الجهود العامة والخاصة والإدارات على حد سواء في لجم تغوّل المتلاعبين بلقمة البشر وضرب احتكاراتهم أينما كانت, ومضاعفة التدخلات الإيجابية لوضع عثرات في مسيرة بورصة الأسعار اللاهبة ..!