إدارة بالغربال ..!
لا يستطيع أي عاقل مدرك لما يدور حوله من أزمات معيشية خانقة، تتجلى بوضوح من خلال الظواهر المتمثلة بـ«الطوابير» على الأفران ومحطات الوقود وغيرها من الخدمات الاجتماعية التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر، أن يغطي الشمس بغربال أو يدخل الفيل من خرم الإبرة ولا يرى تلك الظواهر، لكن في المقابل أيضاً هناك الطابور الخامس من العاملين على الاستثمار في «الطوابير» الآنفة الذكر، ويحاول أن يسيء للدولة ويتعامى عنه الكثيرون ويصرّون على تغطية الشمس بغربال والتعمية على الجهود المبذولة لتجاوز الأسباب الحقيقية وراء هذه «الطوابير» من الحصار الاقتصادي الأمريكي الغربي الجائر على سورية كفصل أخير من فصول الحرب على سورية بالإرهاب الاقتصادي المتمثل بمنع الحياة عن المواطن السوري وخنقه في لقمة عيشه ودفئه ودوائه وسرقة قمحه من قبل المحتل الأمريكي وتفريغ صوامع الحبوب منها، وآخرها قبل أيام حين سرق قمح المالكية بعشرات الشاحنات وتم تهريبها وكذلك سرقة النفط السوري وحرمان المواطن منه بعد أن كانت سورية تنتج حاجات البلد منه وتصدر الفائض.. هذه السرقة هي التي أدت إلى قلة وندرة هذه المواد التي تقوم الجهات المعنية باستيرادها بصعوبة بالغة وسط حصار على ناقلات النفط واحتجازها ومنع توريد الطحين والمواد الغذائية والدوائية أمام قلة القطع الأجنبي الذي يُستغل أيضاً في زعزعة استقرار قيمة الليرة واللعب بأسعار الصرف لإضعاف القدرة الشرائية للمواطن.
هذه القضايا لا يمكن تغطية انعكاساتها السلبية بغربال التعمية.. وفي الوقت عينه لا يمكن أن نتجاهل سوء الإدارة وصعود نجم الفساد وهي نتائج طبيعية لبروزه أمام قلة الموارد وندرتها، وترتفع نسبة المستغلين لهذه القلة من الموارد، وبالمقابل على المعنيين العمل والتفكير في كيفية مواجهة الحصار والفساد وندرة المواد من خلال المتابعة وتشكيل خلايا لإدارة الموارد القليلة وكيفية توزيعها وتوفيرها للمواطن.
الإدارة علم وفن، ويتمثل دورها الآن لتجاوز كل الانعكاسات السلبية للحرب على سورية في إيجاد الأساليب الكفيلة بإدارة ندرة المواد المحلية وحسن استخدامها بتعزيز المسار الصحيح في مفاصل الإدارة لطرد الخطأ والفساد والحد منه بعيداً عن مجرد الشكوى من قلة الموارد وعدم كفايتها لتغطية حاجات الناس وتجاوز «الطوابير» من خلال حسن الإدارة والتوزيع العادل قدر الإمكان وبحيث نبعد البعض عن الإصرار على تغطية الشمس بغربال.