قرار مجلس الوزراء برفع سعر شراء الطن الواحد من القمح من الفلاحين إلى 900 ألف ليرة، كان بمنزلة عربون شكر ووفاء للجهود المخلصة التي دأب جميع المزارعين على بذلها منذ ساعات الفجر الأولى حتى الغروب من كل نهار على مدى الأشهر الماضية وحتى اليوم، محولين الأراضي الزراعية إلى حقول خضراء، تكسوها سنابل القمح لمساحات تجاوزت 1.5 مليون هكتار، مبشرة بموسم أكثر من جيد وإنتاج وفير يضاهي أمثاله قبل سنة 2010، حيث الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض عناوين للأمن الغذائي الذي كان سائداً حينذاك.
قرار صدر أمس، ليتوج جملة من الإجراءات الحكومية المتخذة سابقاً، للتوسع بزراعة محصول القمح لموسم «عام القمح»، وشملت توفير الأسمدة اللازمة للمحصول رغم صعوبات الاستيراد بسبب الحصار الاقتصادي الجائر والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، وما رافق ذلك من ارتفاع أسعار السماد، إضافة إلى استثمار كل الأراضي الزراعية القابلة لزراعة القمح ضمن المناطق المحررة في محافظات حلب وإدلب وحماة، والطلب من اللجان الزراعية الفرعية أخذ تعهد من الفلاحين الحاصلين على مستلزمات الإنتاج الزراعي بضرورة تسويق الإنتاج إلى المؤسسة السورية للحبوب.
وفي السياق ذاته تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين بذار القمح ورفع الكميات المبيعة للفلاحين بنحو 35%، وكذلك فرز كل الجرارات الزراعية العاملة في مديريات الزراعة للعمل لدى الفلاحين بالأجر وفق التكلفة الفعلية، وتعديل جدول الاحتياج من المصرف الزراعي لتوفير التمويل اللازم لزراعة القمح بقروض قصيرة الأجل.. وكل ذلك من أجل زراعة مساحات شاسعة بالقمح تساوي وربما تفوق مساحة ما كان مزروعاً بهذا المحصول الاستراتيجي قبل عقد من الزمن.
لا أعتقد أن هذه النتائج سوف ترضي أعداء الشعب السوري، وهذا هو المطلوب، لكنها بكل تأكيد أحد عناوين التعافي الزراعي الوطني ومؤشر مهم لعودة الناتج المحلي إلى أحد موارده الأساسية، وتالياً إعادة الأمن الغذائي السوري إلى مرحلة الاستقرار المبني على قاعدة الاكتفاء الذاتي.
إنتاج ملايين الأطنان من القمح السوري القاسي يساوي أضعاف كمياتها وأسعارها من الأقماح الطرية المنتجة في حقول دول أخرى، هذه الدول التي لطالما وقفت في طابور الانتظار للظفر بعقد شراء طن واحد من قمحنا النادر بمواصفاته والغني بتنوع المنتجات الغذائية، الداخل في صناعتها والمرغوب على المستوى العالمي.