«مأكولة مذمومة» ..!

لعلنا لا ننسى كيف كنا ننتظرها، بما أنها لا تصل في وقت واحد، فلكل منها موعد، بعضها شهري، والآخر فصلي، ومنها ما كان يتعرض للرقابة، فنتداول ما تمزقه منها، سرّاً، وغالباً لا نجد فيها ما يستحق الرقابة عليه..! فكانت مواعيدنا معها ومع الذين نتفق معهم على أن لا ينسانا منها، وقد نضطر لدفع ثمنها سلفاً إن لم تكن الثقة موجودة، فحكاية حصولنا عليها ذات أشواق وانتظار، افتقدناها مع الأسف، فخسرنا جزءاً حميماً من حياتنا، تمَّ نسجه من دون أن ننتبه وبلا إرادة، بالضبط كخسارتنا له من دون إرادة, فمعظمنا الذين كتبنا في جنس أدبي ما، أو لم نكتب، ولأجل أن نرتقي بثقافتنا عموماً، أو في لون إبداعي محدد، أو لنشر فيها ما كنا نكتبه، تابعنا العديد من المجلات، بدءاً من العريقة مجلة «المعرفة»، مروراً بمجلات عربية كـ«العربي والكويت، الآداب والطريق وكتابات معاصرة والفكر العربي المعاصر، ومجلة الوحدة، ومجلة شعر»، من مكتبات الرصيف، ومجلة « إبداع المصرية، والناقد»، ومجلات سورية هامة أخرى أصدرتها وزارة الثقافة: كا«الحياة المسرحية، والسينمائية، والتشكيلية، والموسيقية، وشرفات الشام، ومجلة اتحاد الكتاب العرب-الموقف الأدبي», ثم لحقت بها إصدارات اختصت بالتراث والآداب العالمية, ومجلات أخرى ليست بشهرة ما ذكرنا.
وكنّا قد خصصنا للقراءة فيها حصصاً طويلة من الوقت، وحصصاً لحوارات شفوية في العديد من جلساتنا، بعضنا كان يستعرض ما قرأ، وبعضنا الآخر كان يحاول أن ينشر أفكاراً مما قرأ, لكن مع الأسف، معظمنا اليوم يشعر بعبء تلك المجلات، فبات يتعامل معها على أنها الحمل الثقيل الذي يجب التخلص منه في منتصف بحر العمر، رغم ما ندين به لها، ولا علاقة لوجود بعضها كملفات إلكترونية على هذا الموقع أو ذاك بالمسألة، فبات ينطبق عليها المثل المعروف « مثل خبز الشعير مأكول مذموم»، فيعلن للأصدقاء عن رغبته في تقديم كل ما اقتناه منها لمن يرغب، سواء دفعة واحدة، أو باختيار منها ما يشاء، فيما رمى بعض آخر مجلاته في أقرب حاوية، ومنهم من تدفأ عليها في ظل الحرمان من وسائل التدفئة، أمّا الذين سُرقت منازلهم أو دمرت خلال السنوات الماضية، فكانوا الأقل قسوة عليها رغم أنهم الأكثر خسارة..!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار