مهن تراثية

إذا بقيت الأمور تسير على هذا المنوال فإن مهناً كثيرة سوف تندثر لأسباب تعود إلى إحلال البدائل الرخيصة أو تلك المستوردة التي تغرق السوق في لحظات وتجعل من تلك الصناعات بضاعة كاسدة، وإذا ما عدنا بالذاكرة حقبة من الزمن نجد أن برامج التنمية الريفية في بلدنا تعود إلى عام 1959 وبداية ستينيات القرن الماضي وهي فترة الانبهار بحياة المدينة والبحث عن فرص عمل لا يوفرها الريف في ذلك الحين، واليوم نلحظ محاولات حكومية تحاول استقطاب عائلات توارثت مهناً يدوية تراثية كالسجاد والبسط والتريكو، وفي حمص وحدها تم إيجاد 19 وحدة إرشادية عملت جميعها على جعل هذه المهن تطفو على السطح لفترة زمنية لا بأس بها، وأدى التوسع في التصنيع إلى تراكم الإنتاج في كل المراحل السابقة لأسباب تتعلق بدخول الآلات الحديثة وغزو السجاد الآلي وغيره من المنتجات للأسواق المحلية عدا عن تلك المستوردة من دول كثيرة، وكان لهذا الأمر تأثيره السلبي على الصناعات اليدوية التي لم تطور أدواتها عندنا ولم يهتم العاملون في هذه المهن بتطوير منتجاتهم، كما لم يعملوا على تسويقها بالشكل الذي يعوضهم بعض جهدهم أيضاً.
إن عزوف أصحاب المهن وطالبي العمل عن المجيء للعمل بالمهن التراثية يتعلق بالأجور المتدنية، وسبق أن رأينا كيف تحولت بعض الإرشاديات في بلدات عديدة إلى متاحف مهجورة يأكل آلاتها القديمة الصدأ، وكان الجواب بسيطاً من إحدى العاملات بأن ما تتقاضاه من أجر لحياكة سجادة يدوية لا يكفي قوت يومها لأيام قليلة!.
esmaeelabdulh@Gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار