احترام القاعدة
أليس بالغريب أن يشعر الناطقون باللغة العربية أن تعليم قواعد وأصول اللغة يعد أمراً شاقاً في حين أن بعضهم يتسابق لتعلم اللغات الأخرى وفي هذا الصدد
يتساءل الباحث مكي الحسني مؤلف كتاب نحو إتقان الكتابة العلمية باللغة العربية في إصدار جديد لمجمع اللغة العربية بدمشق لماذا تدنى مستوى الأداء بالعربية ؟
ويلفت إلى مجموعة من الخطوات التي ترمي إلى تحسين أداء الكاتبين باللغة العربية. فهو يتحدث عن الوسائل التي يمكن أن تساعد الكتاب على ذلك، منبها الى الأخطاء النحْوية واللغوية الشائعة في الكتابات المعاصرة، ومبينا وجه الخطأ والصواب فيها، وملحقا ذلك بأهم القواعد النحوية والصرفية واللغوية التي تشتدّ حاجة الكاتبين إليها.
ويؤكد الكاتب الحسني أهمية اللغة للأمة، وضرورة الاعتزاز بها والدفاع عنها. ويقول شارحاً: ” أودّ أن أذكّر بأن اللغة العربية كانت في الماضي لغة عالمية – وبأنها اليوم – باعتراف العالم كله – اللغة الرسمية الدولية السادسة: في هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة، وفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)… ”
فاللغة هوية الأمة وأعظم مقومات وجودها ووطنها الروحي والأمم الحية تحافظ على لغلتها حفاظها على أوطانها والعلاقة بين مكانة الأمة ومكانة لغتها وثيقة جداً هل يكفي أحدنا أن يعرف شيئاً من العربية ليقول أنا عربي؟ لقد قال طه حسين: ((إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا معرفة لغتهم، ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومُهين أيضاً)).
إن هذا القول هو أَنَّةُ عربيّ تألّم جداً من تقاعس الكثيرين عن الذَّود عن العربية، ومن استخفافهم بهذا الأمر الخطير.
قال أبو الريحان البيروني (362 -440 للهجرة) العالِمُ الشهير، الفارسي الأصل: ((والله لأَنْ أُهْجى بالعربية، أحبُّ إليَّ من أن أُمدح بالفارسية!))
ولا داعي هنا للحديث عن عبقرية اللغة العربية وخصائصها الفريدة، فقد كُتب عن ذلك عشرات الكتب والدراسات والمقالات، وانحنى لعظَمتها العرب والمستشرقون، حتى لقد قال أحدهم: ((ليس على وجه الأرض لغةٌ لها من الروعة والعظمة ما للّغة العربية، ولكن ليس على وجه الأرض أُمة، تسعى بوعي أو بلا وعي، لتدمير لغتها كالأمة العربية!))
وما أعمق ما قاله الدكتور عثمان أمين في كتابه (فلسفة اللغة العربية): ((مَن لم ينشأ على أن يُحب لغة قومه، استخف بتراث أمته، واستهان بخصائص قوميته. ومن لم يبذل الجهد في بلوغ درجة الإتقان في أمر من الأمور الجوهرية، اتسمت حياته بتبلّد الشعور وانحلال الشخصية، والقعود عن العمل، وأصبح دَيْدنه التهاون والسطحية في سائر الأمور)).