دهشةٌ موجعة ارتسمت على وجوه مواطنين كثر وتحديداً منتظري رسائل “الذكية” علهم يظفرون بحصصهم “المدعومة” من دون الوقوف في طوابير “التعتير”، عند مفاجأة “السورية للتجارة” بفصل فساد جديد عند ضبط أطنان من السكر في بيت مديرة إحدى الصالات، في وقت يتفقد فيه آلاف الفقراء “موبايلاتهم” للتأكد من وصول الرسائل المأمولة، لكن المؤلم أكثر أن هذه الحادثة ليست الأولى في سجل مؤسسة تتغنى بتدخلها الإيجابي، ففي رصيدها ملفات دسمة من الفساد ضيعت مليارات الليرات على الخزينة من دون المبادرة إلى تحرك جدي وجريء يضمن تنظيف هذه المؤسسة من الفاسدين ويُفعل دورها المنتظر.
قضايا الفساد المتراكمة بلا نتائج فعلية تضمن محاسبة الفاسدين الكبار واستعادة الأموال المنهوبة، تشير بقوة إلى أن داء الفساد قد بلغ ذروته في بعض مؤسساتنا العامة بلا خوف من أهله من العقاب، نقول لو أن هذه الحادثة وقعت في مكان آخر لكانت الدنيا قامت ولم تقعد ولا سيما أنها تمس لقمة عيش المواطن مباشرة، وبالتالي الاكتفاء بإعفاء موظف هنا أو هناك مع التغافل عن “كبار” يديرون صفقات الفساد ويشفطون خيرات البلاد سيزيد شبكة الفساد قوة، فهل كانت هذه المديرة مثلاً لتجرؤ على هذا التصرف لو لم تتلقَ تعليماتها من مسؤولين “أثقل” لارتكاب هذا الفعل المخالف؟، و التي قد تدفع وحدها ثمنه بينما يستمر “الداعمون” بتجاوزاتهم، ما يستوجب فتح تحقيق موسع من أعلى الجهات يطبق لاحقاً على غيرها من الملفات في مؤسسات عامة بغية كشف المتورطين ومحاسبتهم، فالفساد بات ينخر هيكلية بعض هذه المؤسسات لدرجة تسببت في إضعاف إدائها وسرقة مواردها.
حملات مكافحة الفساد المعلنة لن تؤتي أُكلها في حال الاستمرار باتباع أسلوب “المداراة” والعقاب “الناعم”، فالحل الأمثل لوقف انتشار هذا الداء يتمثل برفع “دوز العقوبات” والإعلان الصريح لأسماء الفاسدين المتورطين في القطاع العام والخاص مع تفعيل جدي لقوانين منسية كالذمة المالية أو تطبيق شعار “من أين لك هذا ؟”، إذ إن الاكتفاء بعقوبة الإعفاء ليعاد الشخص نفسه إلى منصب آخر مع طي القضية بلا ذكر أي نتائج سيعطي الضوء الأخضر للفاسدين لنهب المال العام وتعبيد الطريق لدخول وافدين جدد إلى المنظومة بحجة انحدار مستوى الرواتب، لتبقى العلة الأكبر بانتقاء أشخاص غير كفوئين لإدارة بعض المؤسسات، فلو اُختير المديرون من ذوي الكفاءات والخبرات والأكف البيضاء مع منحهم رواتب مجزية لكان الفاسدون سيحسبون ألف حساب قبل التفكير في الاقتراب، وسيكون الوضع المعيشي أفضل بأشواط مع حماية الفقراء بعد رفع الغطاء عنهم لصالح أهل المال ولن نقول ..”الفساد” لا سمح الله..؟!.
rihabalebrahim@yahoo.com