واهم من لا يرى الخبث الأمريكي
من المؤسف أن البعض يعيش انفصاماً وانفصالاً عن الواقع؛ يرمي هذا البعض، التهم جزافاً هنا وهناك عبر صفحته الشخصية أو عبر «كروبات». ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، فمنهم من أعطى نفسه “حق” اتهام الآخرين بعدم الانتماء، بينما راح البعض الآخر يردح ويوسم الآخرين بعدم الوطنية.
المؤسف أن المومأ إليهم ومثلهم ليسوا قليلين؛ لم يفرقوا، بل لم يربطوا حتى الساعة بين سلوك وغايات أمريكا وأهدافها في المنطقة وخاصة سورية وبين ما يتعرض له السوريون من حرب كونية منذ عشر سنوات ولاتزال بعض فصولها وجيوبها مستعرة.
لسنا بمعرض الدفاع عن الجهات المعنية –فهذا شرف– من موقعنا كسوريين لسنا محايدين -بل منحازون- فلا يكاد يمر يوم أو مناسبة إلا وتعترف الجهات المعنية بالقلة والنقص والحاجة، وتسعى بكل الوسائل لتأمين حاجات السوريين.. رغم علمها بأنه لولا الاحتلال الأمريكي لما كان هذا النقص، “وسورية قبل الحرب عليها كان لديها مخزون قمح يكفي لـ/7/ سنوات، وكانت تهدي الماء لأشقائها وتزودهم أيضاً بالكهرباء”.. ومع هذا، وكل هذا، البعض لم يلتمس العذر لهذه الجهات رغم معرفتهم أننا لا نزال في المعركة نفسها منذ عشر عجاف.
ورغم معرفتهم أن أمريكا هي من صنعت «داعش» و«النصرة» الإرهابيين، وما تفرّخ عنهما تحت مسميات “إسلاموية”، ويعرفون جيداً أنها –أي أمريكا- هي من يحتل الجزيرة السورية التي تمثل ثلث مساحة سورية، وهي سلتها الغذائية، وفيها 90% من النفط و95% من الغاز و90% من القمح و80% من قطعان الأغنام و100% من قطعان الجواميس و90% من المياه وكل السدود التي تولّد الطاقة الكهربائية، إضافة إلى المحطات الغازية..
ويعرفون أن واشنطن هي من دمّرت كل الجسور على الفرات بدءاً من دخوله سورية عند جرابلس وحتى خروجه إلى العراق في البوكمال لتقطع الاتصال والوصال بين الجزيرة السورية والمحافظات المجاورة.. وأمريكا هي التي تنصب حالياً محارسها العسكرية على امتداد الحدود السورية مع العراق والأردن بطول /974/ كم وبمعدل محرس كل كيلومتر واحد مزود بالليزر والكاميرات الحرارية الليلية، وهذه المحارس مربوطة بقاعدة الاحتلال في «التنف»، وفي الوقت ذاته بالقيادة الوسطى الأمريكية عبر الأقمار الصناعية..
كل هذا ويرون فيها المنقذ.. يا سبحان الله..
ولكن، لعل البعض يقرأ ويفهم ويتّعظ ؛ أليست السفيرة الأمريكية في العراق أبريل غلاسبي هي من أقنعت صدام بغزو الكويت عام 1990، ورغم انسحابه من الكويت 1991 وتنفيذ كل قرارات الأمم المتحدة تم تدمير العراق 2003، وتصفية “البعث”، وحل “الجيش “، وكل هذا لم يرضِ أمريكا..
ومنذ العام 2006 وحتى الساعة، أي بعد 14 سنة تعمل أمريكا على تدمير العراق، وإشاعة الفوضى أكثر فأكثر.
إذاً الغاية تدمير العراق.. وما ينطبق على العراق ينطبق على ليبيا واليمن ولبنان.
أمريكا تتلطى خلف شعارات الحرية، والديمقراطية، في محاولة لتدمير دول عربية بعينها، تعدّ الخطر الأول على «إسرائيل»، وعلى رأسها سورية.
الغريب والعجيب أن البعض يتهم الضحايا وينصر المعتدي من حيث يدري أو لا يدري، ويتهم العين التي تقاوم المخرز بالتخاذل.
ألم يقتنع هؤلاء بعد أن أمريكا هي من حرق حقول القمح في الجزيرة، لمنع رغيف الخبز عن السوريين، بمن فيهم سكان الجزيرة؟..
أو ليست أمريكا هي من تسرق النفط والغاز وتهربهما عبر شركة «دلتا إنيرجي» الأمريكية الخاصة باعتراف البنتاغون؟..
أو ليست أمريكا من أهدت كيان الاحتلال الإسرائيلي ما يسمى “سيادة إسرائيل” على الجولان السوري المحتل؟..
أو ليست أمريكا من محت محافظة الرقة من الخريطة السورية لتلحق السدود التي تخزّن الماء وتولّد الطاقة بميليشيا «قسد» وتحرم السوريين من الماء والكهرباء؟.
مَنْ يعتقد أن الأقمار الصناعية الأمريكية واستخباراتها وعملاءها لا يعرفون أدق التفاصيل عن السوريين وتمسكهم بكرامتهم وأرضهم، واهم.
ومن يظن أنها لا تطرب عندما ترى النيران تلتهم حقول القمح في السويداء ودير الزور، واهم.
ومن يساوره الشك أنها تنزعج عندما ترى ألسنة النيران تلتهم بساتين الزيتون والحمضيات في الساحل وحقول النخيل في تدمر، واهم.
مَنْ لا يدري أن أمريكا تسعدها وتطربها طوابير الانتظار على الخبز.. وطوابير السيارات على محطات الوقود، واهم.
هذا ما تسعى إليه، بكل ما أوتيت من قوة ؛ ولكن يسيئها أن ترى السوريين رغم كل هذا لا يزالون يدافعون عن أرضهم وكرامتهم ومتمسكين بثوابتهم.
ومَنْ يعتقد أن أمريكا عبر ماكينتها الإعلامية وهيمنتها على الشبكة العنكبوتية لا تتنصت على كل شاردة وواردة وتطرب عندما يقوم بعض روّاد مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحاتهم أو «كروباتهم» بنشر الشائعات والترويج من حيث لا يدرون لكل صغيرة وكبيرة فهو منفصل عن الواقع.. فهي ترصد ما يرصدونه وتبني عليه خططها القذرة.
نعم، هذا ما تريده أمريكا.. قتل الانتماء.. دفن الكرامة.. تمييع المبادئ.. خنق الأمل.. ضرب القيم الأخلاقية.. وإشاعة التهريج وتدمير الأسرة، والقيم النبيلة.. وصولاً إلى الاستسلام.. وهذا ما لم تنجح في الوصول إليه، رغم كل ما فعلت وتفعل، بل ازداد السوريون إصراراً على الذود عن أرضهم وكرامتهم، والتفوا أكثر حول قيادتهم وجيشهم.. وأفشلوا خططها في سورية والمنطقة، وهذا ما أثار جنون الدولة العميقة في أمريكا.