القيام بما يهم

قرأت مؤخراً كتاباً يحمل عنوان “القيام بما يهم في أوقات الضغط النفسي” الصادر عن منظمة الصحة العالمية، وهو دليل مصور يحتوي على معلومات ومهارات عملية تساعدنا على التأقلم في وجه الشدائد، واتخاذ مواقف صائبة من أجل أن نحافظ على قيمنا، بحيث لا نجعل تلك الضغوط تؤثر فينا، أو على الأقل نخفف من وطأتها وتأثيرها السلبي، ونجعلها بمثابة عتبة للنهوض من جديد، والتماهي مع واقعنا مهما كان مريراً.
الحقيقة؛ الكتاب مُسلٍّ، ويتضمن الكثير من المهارات التي يمكن للإنسان التدرب عليها وممارستها في أي مكان، سواء في المنزل أو مكان العمل أو في الشارع… ويمكن تطبيقها على مختلف أنواع المشاكل والضغوط والصعوبات، الشخصية منها، أو مشاكل الوظيفة، أو تهديدات المجتمع كالعنف والمرض وانعدام الفرص الاقتصادية، لكن رغم ممارستي لجميع التمارين، بدءاً مما سماه الكتاب “تمرين الارتكاز” إلاّ أنني لم أستطع أن أجعل قدميَّ مغروسة في الأرض، ولاسيما في ظل الوحول المنتشرة في الشوارع وبحيرات الماء الآسنة، فهناك رغبة دفينة بعدم التجذُّر في هذا الواقع المرير، أما المشاكل التي تجعلني مُعلَّقاً بها، فلم ألبث أن أُقنع نفسي بأنني انفككت منها، إلا أنها تعود وترمي في وجهي جميع «كلَّاباتها»، لتعلقني من جديد بشكل «أدقَّ رقبة» كما يُقال. وفيما يخص تمارين التنفس، أخذ الشهيق على مهل ثم زفره بنفس البطء، فإنه جعلني أدوخ حتى كاد يُغمى علي، ولاسيما أنني جرَّبته في منطقة البرامكة حيث ثاني أوكسيد الكربون «لدينه»، كل ذلك جعل تمسكي بقيمي، مشكلة إضافية تُضاف إلى ضغوطاتي النفسية، ولاسيما أنني غير قادر على أن أكون لطيفاً، كما يوصي الكتاب، ولا أستطيع أن أجعله لُطفاً مزيفاً وعلى حسابي الشخصي، لذلك أقوم بإفساح المجال لمشاكلي وصعوبات حياتي لتتفاعل بداخلي، محاولاً أن أتركها تسرح وتمرح على هواها، فأنا السماء وتلك المشاكل ما هي إلا طقس مارق متبدِّل لن يدوم، بحسب الكتاب، ودليلي على ذلك أنني أكتب لكم والعزاء يغمرني بأنكم ستقرؤون ما أكتب بحبِّ.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار