«النقل» همٌّ مزمن ..!
للمرة الألف نكتب عن معاناتنا مع المواصلات اليومية التي هي حقيقة معركة يومية، أو أشبه بالعقوبة الإجبارية يتوجب على كل منا تنفيذها، خلال اتجاهنا لأشغالنا أو احتياجاتنا، والخيارات أمامنا محدودة، النقل الداخلي (المكدسة) بأكوام من البشر، و السنافر الصغيرة (السرافيس)، أما التكسي فهذه تحسب ألف حساب لاستخدامها إلا فيما ندر- ربما في حالات الإسعاف فقط – واقع النقل لدينا يشبه صفعة يومية ينبغي علينا أن نتحمل المزيد والمزيد من الضربات ومن كل الاتجاهات، حتى نصل إلى مبتغانا بأمان.
بعد عودة الأمن والاستقرار والخروج من حرب ضروس على سورية طحنت فينا كل شيء، يفترض على الأقل أن نرى تحسناً ملموساً على آلية عمل وسائط النقل لدينا، لكن الواقع يؤكد المؤكد أن هذه الأزمة تتفاقم يوماً بعد يوم، فمشهد الطوفان البشري الممتد من الفحامة، سانا ، جسر الرئيس ، إلى نهاية الخط ووجوه الناس التي أعياها انتظار الفرج وهي تنتظر أي وسيلة تقلّها، المهم الحصول على موطئ قدم فيها، و(التدافش) و(المشادات) الكلامية حدّث ولا حرج…! أما التحذيرات من عدوى فيروس ( كورونا) اللعين فلتذهب أدراج الرياح.
على مدى الأزمة المشكلة هي ذاتها لتزيد الظروف الراهنة الطين ( بلّة ) وتصريحات الجهات المعنية العمل ضمن الإمكانات المتاحة .. ناهيك أن عدد الباصات لا يتناسب مع الحاجة الفعلية لمدينة دمشق وهكذا دواليك..لكن ماذا عن (الميكروات) التي تتهرّب من عملها لنقل الموظفين أو طلاب المدارس ولا سيما وقت الذروّة ..؟!
كل منا مدرك الظروف الراهنة والإمكانات المتاحة من وسائط النقل لكن لم تسجل الجهات المعنية أي خطوة تحسب لها ولو ضمن هذه الإمكانات..كأن تشغّل التكسي «سرفيساً» بأجور معقولة على الخطوط التي تشهد ازدحاماً مثل خط مزة جبل على سبيل المثال ..!
في المقابل على المواطن البطل وهو المعتاد على تحمّل ما لم يتحمله أحد أن يدفع فاتورة كل شيء سواء فشل مشاريع سابقة أطلقتها إدارات سابقة تحت بند التسويف والتأجيل وعليه أن يدفع فاتورة ارتفاع الأسعار لكل شيء للمحروقات، أو القطع التبديلية ..عليه أن يدفع من صحته وسنوات عمره التي ذهبت هدراً بانتظار «غودو» المنقذ لكل منغصات حياته من مواصلات وارتفاع أسعار، ومازوت، وخبز ..الخ .
حقيقة أزمة النقل تصل حدود المهانة اليومية، والمطلوب الرقابة على الرقابة ذاتها التي يبدو أنها (استراحة) على آلية سير تلك الحافلات وتشديد العقوبات بحق المخالفين وإشراك القطاع الخاص بتقديم التسهيلات المطلوبة، والتحفيز بما يسهم في التخفيف لجزء من سلسلة طويلة من المعاناة اليومية كل منا يعيشها يومياً .. ولتبقى المشاريع الكبيرة على قيد الأحلام ..