لصوص «العيش» ..!

بالكاد يلتقط المواطن أنفاسه حتى تفاجئه موجة غلاء ثانية بتدبير وتخطيط تجار جشعين تدخله في دوامة «اللهاث» المتواصل لدرجة لو تفتقت قريحة أحد عن إطلاق مسابقة متخصصة بالجري وراء لقمة العيش لكانت من نصيبه بلا منازع .. مفارقة ساخرة لواقع صعب تعانيه كل فئات المجتمع بكل حرقة من جراء عجز أسر كثيرة عن تأمين قوت «العيال» نتيجة ارتفاع جنوني بحيث لم يعد يكفي الراتب الضحل لشراء جزء يسير من الاحتياجات الضرورية لأيام قليلة، فكيف لأسرة لا يتعدى دخلها الـ100 ألف تسيير شؤونها إذا كان العيش من «قريبه» يستلزم 500 ألف ليرة, وخاصة مع رفع «دوز» الغلاء غير المبرر مؤخراً.
«شطحات» أسعار السلع الجديدة بلا أسباب منطقية, و«العصة» الإضافية على جيوب المواطن تفرض طريقة تعاطٍ مختلفة مع إدارة الأسواق وضبطها بعيداً عن ضبوط التموينيين، الذين أصبحوا بلا حول لهم ولا قوة بعد تجريدهم من أدواتهم الفاعلة كرمى عيون من «كوشوا على البيضة والتقشيرة», بالاتفاق مع بعض ضعاف النفوس من أصحاب الكراسي، فاليوم حال الأسواق المتروكة على «غاربها» تفرض تدخل جهات أخرى أكثر وزناً وردعاً، إذ لم يعد مقبولاً مع الفوضى العارمة بتسعير السلع وبيع بضاعة غير صالحة للاستهلاك على «عينك يا تموين» تنظيم ضبط هنا أو هناك أو حتى التهديد برفع عقوبات شديدة لا تزال حبيسة قانون حماية المستهلك المرهون بالدراسة والتعديل، فهذه المخالفات الجسيمة تستلزم الضرب بيد من حديد على أيدي المتاجرين بلقمة عيش المواطن وصحته، وهذا الهدف تحققه جهات قادرة على فرض هيبتها على الأسواق, وتضع حداً لتجاوز تجار الأزمات المستمرة بحيث يفكرون ألف مرة قبل التفكير برفع أي سلعة، ولنا في تجربة الثمانينيات تجربة «شاهدة» على ضبط الأسواق على «الليبرة», ومنع أي مكاسب غير مشروعة على حساب الفئات الأكثر ضعفاً والأقل دخلاً.
تحسين معيشة المواطنين «الصابرين» أصبح أمراً ملحاً لإنقاذ الاقتصاد المحلي والجيوب، وهذا يتطلب حتماً زيادة مجزية لرواتب الموظفين في القطاع العام والخاص، شرط أن يرافق ذلك ضبطاً «ممسوكاً» لشؤون السوق وقوانينها ورفع أيدي حيتان الأسواق عن إدارتها، ولن يتحقق هذا المطلب الجماعي في هذه المرحلة الحساسة إلا بتدخل مدروس لجهات حازمة ومطلقة الصلاحيات تمتلك أدواتها وقرارها لحين إنجاز المهمة ثم تعاد تسليم الدفة إلى التموينيين العاجزين حالياً عن ضبط سوق بجوار وزارتهم فكيف بأسواق على امتداد البلاد، وإنجاز هذه المهمة يتطلب قراراً جريئاً مستعجلاً من صناع المطبخ الاقتصادي نصرة لجيوب مواطن جلّ ما يطلبه والغلاء يقصم ظهره تأمين احتياجاته الأساسية بلا معاناة ومحاسبة فعلية للصوص الأسواق ولقمة العيش، فهل تنصفوه من تجار ومهربين أكلوا حقه أم سيبقى ينتظر ويعاني لحين تحقيق الفرج المأمول؟!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار