ظاهرة جديدة ..!
عمران محفوض:
ظاهرة تخترق القطاعين العام والخاص بسرعة السهم من دون أن يتبادر إلى أذهان المعنيين أي سؤال عن أسباب تفاقمها وحجم الكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي تتمخض عنها ..!
مئات العمال وربما أكثر يتقدمون باستقالاتهم شهرياً إلى مديري شركات عامة وخاصة وتتم الموافقة عليها بين ليلة وضحاها وكأن أمر التسريح الجماعي قد صدر ..!
القطاع الخاص يدافع عن نفسه بإبراز أوراق مكتوبة بخط يد العامل تدل “ظاهرياً” على أنه طلب الاستقالة بملء إرادته وأهليته .. بينما في القطاع العام الموضوع مختلف نظراً لعدم توفر إحصائيات أو بيانات حول حجم المشكلة ودوافعها وتأثيراتها على الشركة أو المنشأة.
مهما كان حجم الظاهرة ومحدودية المعلومات عنها لا بد من تحرك رسمي بحجم وزارة أو أكثر لما لهذه الظاهرة العمالية من منعكسات إنتاجية ومالية واقتصادية واجتماعية, تبدأ بإفراغ بعض المنشآت من عمالها مروراً بتراجع إيرادات أخرى، وتالياً بخفض الإنتاجية أو تراجع خدمات شركات لها علاقة مباشرة بمعيشة آلاف المواطنين.
البحث المبدئي في صلب هذه الظاهرة ينتج الكثير من الأسباب التي أدت لانتشارها مؤخراً ..
أولها: انخفاض كتلة الراتب أو الأجر الذي يتقاضاه العامل الذي تقدم باستقالته , حيث اتضح أن معظمهم عمال مياومون أو مؤقتون يدفعون نصف رواتبهم أجور نقل من وإلى الشركة أو المنشأة التي يعملون فيها، والباقي منهم يدفع ضعف راتبه لصاحب الشقة التي يستأجرها.
وثانيها: إن أصحاب بعض المنشآت الصناعية والتجارية والخدمية اختاروا التهرب من دفع الضرائب وأقساط التأمينات الاجتماعية فأغلقوا منشآتهم وسرّحوا عمالهم – علماً أن العامل لدى القطاع الخاص يوقع عقد العمل والاستقالة منه في الوقت ذاته – واتجهوا إلى الأقبية والبيوت المهجورة لإنتاج سلع رديئة أو منتجات غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري , وخير مثال على ذلك أسواقنا التي تعج بهذه السلع المغشوشة والمنتجات الفاسدة.
وثالثها: إن العمل الحرّ أصبح يسد نفقات عائلة العامل المستقيل ويزيد بأقل جهد ووقت.
لا شك أن هناك أسباباً أخرى تدفع بعض العمال لتقديم استقالاتهم , نترك مهمة البحث عنها للجهات المختصة، لأن الهدف من كتابة هذه الأسطر تسليط الضوء على مشكلة أطلت برأسها بين زحمة المشكلات الكثيرة التي نعانيها يومياً، ونترك لغيرنا إيجاد الحلول المنطقية والشافية لها قبل أن تتحول إلى أزمة , وباعتقادي لا ينقصنا أزمات.