منارات للمبادرين العقلاء
يسرى المصري :
سوق للنقاط مقابل بطاقات الشكر التي حصلت عليها الطالبات خلال الفصل الدراسي الأول هي مبادرة طيبة من إدارة المدرسة والمعلمين وبعض الشركاء من الممولين والأهالي .. بطاقات الشكر تحصل عليها الطالبات مقابل أداء مميز للواجبات والأنشطة المدرسية وتحول هذه البطاقات إلى نقاط ومن ثم تتم إقامة سوق صغيرة في المدرسة فتشتري الطالبات بتلك النقاط ما يحتجنه من لوازم مدرسية وخاصة، وأشياء للبيت والمنزل تحتاجها الأم وأحياناً الأب والإخوة ..مبادرة تحمل الكثير من الإنسانية والتدريب على التميز والعطاء والتفكير بالآخرين .. أضف إلى معاني الفرح والأمل التي تبثها في نفوس الطالبات بانتظار موسم التميز والتسوق بالنقاط ..!
لا نملك إلا أن نشكر إدارة المدرسة وهي حكومية وليست خاصة على هذه المبادرات التي نحتاجها لتنمية روح الإبداع والعمل التطوعي في المجتمع.
في المقابل كانت ثمة مبادرة أخرى عرضها برنامج تلفزيوني على إحدى المحطات الفضائية المحلية وأثارت بعض الجدل ولاسيما أمام حالة البحث عن الليرة السورية في الأدراج القديمة التي قد تفتح أمام من يظهرها في الوقت المناسب كنزاً ما .. فمثلاً هل يمكن أن نشتري «موبايل» بليرة ؟ وهل يمكن أن تكون هذه الليرة الجميلة المنسية ثمن سيارة ؟ ربما يكون العرض يحمل مفاجآت لم تخطر على البال ..!!
الكثير من الأفراح تنتظرك مقابل ليرة واحدة .. وتتوالى الأحلام لكن القصة تبدو كواحدة من قصص الأطفال ما قبل النوم .. ليس هذا هو المقصود .. دعم الليرة هو مشروع وليس حلماً وشتان مابين الحلم والمشروع !!
الكثير من الأسر الفقيرة ينام أطفالها بعد عشاء خفيف من الخبز والشاي ..هكذا تبدو الكثير من الأسر التي تآكل دخلها المحدود بسبب ارتفاع الأسعار ومن المعيب أن نراهن على أحلام الفقراء مقابل ليرة واحدة لم تعد موجودة إلا لدى محبي جمع العملات القديمة.
المشروع أن نخفّض الأسعار ونقدم العون للأسر الفقيرة ونقدم وجبات الغذاء بالحد الأدنى لطلاب المدارس في الريف على الأقل وفي المحافظات التي لديها صعوبات لا ينكرها أحد ..المشروع أن نؤمن بعض اللوازم الضرورية والثياب اللائقة في فصل بارد حارَ فيه الآباء بوسيلة تؤمن الدفء لأولادهم أمام حصار جائر يحرمهم من الكهرباء والمازوت ويصير فيه كيلو الحطب أغلى من كيلو الموز المستورد !!
نحتاج مشاريع تؤمن المأوى للمهجرين أو للعائدين إلى حضن الوطن، وتسهيل إعمار بيوتهم ومدهم بأدوات البناء من الإسمنت والحديد وما يكفي لعودة الأسقف إلى بيوتهم.
إن الهدف من أي مبادرة هو تخفيف العبء على المواطنين وهذا هو المطلوب لابد من استراتيجية طويلة الأمد تقسم إلى فترات يتم من خلالها تمكين المواطن الفقير من العيش بكرامة عبر مشاريع تعاونية ومبادرات لرجال الأعمال والصناعيين كتخصيص جزء من الأرباح قد يكون من المال أو من البضائع والمنتجات للتغلب على قسوة الحرب والعقوبات علينا التي لا يمكن لطفل جائع ومحروم أن يفكر بأبعادها بينما يرى زملاءه يحملون قطع الفواكه والحلويات ويرتدون الثياب النظيفة.
لا يمكن لمؤسسات الدولة أن تحلّ جميع المشكلات ولاشك أن المبادرات الحقيقة هي التي ستصنع الفرق وتبقى الليرة عزتنا عندما نضعها في صندوق المعونات الاجتماعية ونقدم مشروعاً حقيقياً للمواطن يقيه ذل الحاجة والسؤال.