أمريكا القديمة الجديدة

راتب شاهين : 

تكشف المرحلة الراهنة والخاملة من السياسة الدولية، بأنه لا يمكن التكهن بسياسة جديدة، تتبناها الإدارة الجديدة في البيت الأبيض برئاسة جو بايدن تجاه العالم، إذ لا تزال روسيا والصين على رأس قائمة الاهتمامات الأمريكية، فهذا الصراع المستدام والمترابط مع باقي الملفات العالمية لا يبدو أن له نهاية.

التغيير الذي حلم به العالم بعد دونالد ترامب لن يكون بقدر المأمول، فالظاهر من التصريحات الأمريكية هو تبني سياسة قديمة ومستمرة، من خلال إعادة تفعيل التحالفات الدولية التي تتفق والمصالح الأمريكية، كما الاتفاقيات الشكلية كالمناخ، والتي لن يلمس العالم بنتيجة عودة واشنطن لها أي تقدم في سلامه وأمنه واقتصاده.

في إطار المواجهة الطويلة مع روسيا، فإن واشنطن مهتمة بدعم وإعادة التعاضد بين أعضاء حلف “ناتو” في أجندتها للقارة الأوروبية، وهذا يفسر التصعيد بالمواقف بين روسيا وبعض الدول الأوروبية، وعودة النغمة القديمة التي تتعلق بالديمقراطية والمعارضة في روسيا، أما فيما يتعلق بالصين، فقد تم الكشف بأن بايدن سيبحث في اجتماع افتراضي مع زعماء “مجموعة السبع” الاقتصاد العالمي والتعامل مع الصين، إذ إن الملف التجاري لا يزال أولوية للأمريكيين، رغم الاتفاق مع الصين، وربما نشهد مرحلة من التصعيد في هذا الشأن.

في سورية لم يتغير الكثير، فقط التغيير في الشكل، فمن سياسة أولوية “حماية” آبار النفط السورية وسرقتها في السياسة المعلنة للرئيس السابق ترامب، إلى ادعاء محاربة “داعش” الإرهابي! بعد إعادة إنعاشه في سورية والعراق، لكن أي تغيير على الواقع لم يحدث، فحقول النفط السورية تنهب وإقامة ودعم القواعد اللاشرعية يستمر، فالمحصلة استمرار وجود أمريكي احتلالي غير شرعي في شرق سورية.

الملف النووي الإيراني يراوح مكانه وقد لا يحل بشكل مفاجئ، لكن لأمريكا دافع قوي للعودة للاتفاق النووي بلا تعديل، بذريعة “إبعاد إيران عن امتلاك قنبلة النووية” حسب الزعم الأمريكي، وحيث إن واشنطن فشلت في الحصول على ما تريد من خلال دبلوماسية حاملات الطائرات تسعى للوصول إليه بالمفاوضات، بينما في الحرب على اليمن، كل ما تفعله الإدارة الديمقراطية هي إنزال شريكتها السعودية في العدوان عن الشجرة، بعد تعاظم جرائم حلف العدوان وتكرار هزائمه.

السياسة الأمريكية ربما لن تتغير إلا بشكل طفيف، وأكثر ما يمكن التنبؤ به بعد إزاحة إرث ترامب الشكلي من السياسة الخارجية الأمريكية، هو العودة للقواعد القديمة من التحالفات والاتفاقيات والإبقاء على الشراكات النفعية وبخاصة مع دول الخليج العربي، أي البحث عن مصالح “أمريكا أولاً”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار