«جوكر» الشعراء..!

نضال بشارة :
يوجد في عالم الشعراء مسألة مشابهة للقب « الجوكر » الذي يُمنح للممثلين في الدراما التلفزيونية، من دون وجه حق، والذي قاربناه في مقالنا الأسبوعي الماضي، ونقصد منح الكثير من الشعراء لقب الشاعر الكبير. صحيح أن بعض الشعراء المبدعين يرون أن لقب الشاعر يكفي أن يُخاطبوا به، لكننا “يمكن” تقدير بعض الشعراء بهذا اللقب إن كانت تجربتهم تستحق ذلك، شرط توافر تنوعها على أكثر من ديوان شعر، وتعدد فضاءاتها وعمقها، وعلى ما قاربته من موضوعات، وما ساهمت به من تحولات وإضافات، لكن واقع الحال ليس كذلك إذ نجد أن الأغلب من الهيئات الثقافية، تقدّم الكثير من الشعراء بهذا اللقب، بخاصة إن كانت مشاركته ضمن حفل تأبين شخصية إبداعية، أو ندوة تكريمية لأديب ما من أصدقاء الشاعر.
والشواهد على هذه المسألة ليست جديدة بل قديمة وباتت تقليداً يتوارث، وهو لا يبدأ من مدينتي حمص فقط وينتهي بمدينة أخرى كدمشق أو القاهرة أو تونس، بل أزعم أنه شمل كل المدن العربية، في الهيئات الثقافية وفي المجلات التي تحتفي بتجربة هذا الشاعر أو ذاك سواء كان حياً، أو راحلاً، فهذا يقدم شاعراً صديقاً له على أنه الشاعر الكبير في أمسية محدودة الجمهور أقيمت لطلاب كلية الآداب منذ 25 عاماً، رغم أن الشاعر وهو في ستينيات عمره لم يصدر ديواناً واحداً بعد..! ونتساءل لو أن للشاعر عشرة دواوين بماذا كان سيلقبه إذاً؟
يتم منح لقب الشاعر الكبير، كيفما اتفق، من دون الانتباه إلى أن ذلك يهين شعراء يستحقون التقدير، في الوقت ذاته الذي نشملهم بهذا اللقب مع شعراء لا إنجاز متبلوراً عندهم، فهل يمكن وضع شاعر لا ديوان له بالكفة ذاتها مع شاعر من وزن نزار قباني أو محمود درويش، أو محمد عمران، أو بدر شاكر السياب، أو محمد الماغوط؟!
ولنا أن نلاحظ رغم أن المبدعات في الشعر قد بدأ عددهن يتزايد لكن في زعمنا هن بعيدات عن هذه اللوثة إلاّ فيما ندر، فهل تضخّم الأنا المبدعة، وتضخيمها عند الآخرين، لوثة ذكورية فقط..؟!
ولنا أن نشير أخيراً إلى مسؤوليتنا في وسائل الإعلام بتعدد وسائطه عن تكريس هذه الألقاب التي هي استهلاك زائد للغة، ما يقتضي التخفيف منها، بل والنأي عنها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار