الخليج.. بديل بريطانيا عن “الأوروبي”

صفاء إسماعيل :

دخلت بريطانيا علانية على خط التوترات في منطقة الخليج العربي, بعد أن عيّن رئيس وزراء البريطاني بوريس جونسون إدوارد ليستر مبعوثاً خاصاً جديداً لمنطقة الخليج التي أعلن جونسون صراحة أنها تشكل أهمية بالغة من الناحيتين الاقتصادية والجيوسياسية, وأن الحكومة البريطانية تعتبر تعزيز علاقاتها التجارية مع دول الخليج من أولوياتها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

صحيح أن بريطانيا بدأت تعيش مرحلة صعبة بعد خروجها من “الأوروبي”, حيث فقدت امتيازات تجارية مهمة في السوق الأوروبية المشتركة، وتحاول اليوم تعويض ما فاتها عبر البديل الذي يعيد إليها التوازن الاقتصادي, وكان البديل منطقة الخليج التي تتمتع بخصوصية كبيرة لدى بريطانيا, من ناحية المخزون النفطي والشركات البريطانية العاملة في المنطقة, وما تشكله دول الخليج من سوق مهم لبريطانيا التي تعاني من العجز التجاري الناتج عن سياسات الحكومات المتعاقبة.

لكن في نية البريطانيين أكثر من علاقات تجارية مع الخليج العربي, إذ بات من المعلوم للجميع أن بريطانيا تريد أن تكون طرفا أساسياً في قضايا الخليج إلى جانب واشنطن, مستفيدة بذلك من وجودها العسكري في باب المندب والتعاون الأمني والعسكري القائم مع دول خليجية وفي مقدمتهم السعودية, فضلاً عن مناخ التوتر القائم في المنطقة خاصة فيما يتعلق بملف اليمن.

منذ سنوات, تلعب بريطانيا دوراً حاسماً في تمكين نظام آل سعود لشن هجمات واسعة النطاق ومنهجية على أهداف مدنية في اليمن, من خلال تقديم كل أشكال الدعم العسكري, وإنشاء شبكة تجسس داخل الأراضي اليمنية للقيام بجمع المعلومات, وتنفيذ عمليات الاغتيال, في ظل تواطؤ أممي فاضح وتعامٍ عن جرائم النظام السعودي بحق اليمنيين الذي يعانون الأمرين من انتشار الأوبئة القاتلة نتيجة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً.

رغم الدور المفضوح لبريطانيا في العدوان على اليمن, إلا أنها ماضية بدعمها اللامحدود للعمليات العدوانية لتوسيع نفوذها بمنطقة الخليج, ففي الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة الأمريكية تجميد بيع الأسلحة للنظام السعودي لإنهاء العدوان على اليمن, بغض النظر عن مدى جدية وفاعلية الإعلان الأمريكي في وقف العدوان, سارعت الحكومة البريطانية لطمأنة حليفها السعودي بأنها مستمرة بتصدير الأسلحة إليه, وأن القرارات التي تتخذها واشنطن تخصها وحدها.

إن دخول بريطانيا على خط التوترات في الخليج يحقق مصالح الطرفين, فدول الخليج تحتاج إلى الثقل الدولي لبريطانيا إلى جانب واشنطن, فيما تحتاج بريطانيا للثقل المالي للخليج ليكون رافعة الاقتصاد البريطاني بعد “بريكست”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار