اكذب.. اكذب!

«اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس» هكذا يقول الألماني جوزيف غوبلز مهندس ماكينة الدعاية الألمانية لمصلحة النازية وسيده هتلر خلال الحرب العالمية الثانية.. بل يذهب إلى أبعد من ذلك بقوله: «اكذب حتى تصدق نفسك»، وعلى ما يبدو أن وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو يطبق المقولة ذاتها تنفيذاً لأوامر سيده رجب أردوغان، ولكنه لم يتمعن بقول الرئيس الأمريكي الـ16 أبراهام لينكولن «تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت».

يظن «السيد» أوغلو أنه أذكى من كل الناس عندما قال لصحيفة «الأنباء» الكويتية أثناء زيارته للكويت في 10 الجاري: “إن اتفاقيات التطبيع مع «إسرائيل» ستؤدي إلى تقويض رؤية الدولتين؛ وتتعارض مع المعايير الدولية، ومبادرة السلام العربية؛ والتطبيع مع «تل أبيب» خطأ طويل الأمد في حق فلسطين”. في كلام المخادع أوغلو بعض الحق، ولكنه كلام حق يُراد به باطل عندما يقترن ويقارن بأفعال نظامه..

إن استذكار التاريخ ليس ترفاً ولا جلداً للذات، لكنه ضرورة قصوى لاستقراء المستقبل، فالسوريون خير من خبروا وجرّبوا أردوغان وشعاراته البرّاقة الكاذبة، وهم أكثر من دفع ثمن تنظيراته وخطاباته واستداراته ولولبيته وإرهابه الدموي.. أليس هو من دخل بشكل مباشر في الحرب على سورية عبر فتح حدوده البرية والبحرية والجوية لكل التنظيمات الإرهابية، وضمن لهم الحماية والرعاية والتدريب، وحتى منح الجنسية لمتزعميهم.. وبعد أن فشل وكيله بالمهمة دخل مباشرة بعمليات النهب الممنهجة لثروات السوريين من نفط وغاز ومخازين الأقماح والأقطان وعواس الأغنام المترافقة مع حروبه العدوانية المسماة «غصن الزيتون» عام 2018 و«نبع السلام» 2019 واحتلال أراضٍ سورية على امتداد الحدود بطول 822 كم من المتوسط وحتى نهر دجلة وبعمق 35 كم للوصول إلى سدود المياه وآبار النفط والغاز؟.. أليس هو أيضاً من فرض المناهج التركية في المدارس، والعملة التركية، واستبدل أسماء القرى والمدن والمدارس والشوارع العربية السورية بأسماء تركية؟.. أليس النظام التركي من أقام قواعد عسكرية في العراق ليكون على مرمى حجر من الحدود الإيرانية، وهذا ما أكده أمس رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية محمد رضا آل حيدر بقوله: «إن جيش النظام التركي يحتل الشريط الحدودي داخل الأراضي العراقية بعمق 17 كيلومتراً بحجة مطاردة التنظيمات الإرهابية».

والنظام التركي أقام قواعد عسكرية له في مشيخة قطر «الإخونجية» لتكون مرصداً متقدماً في عمق مياه ومضائق الخليج العربي؟.. أليس هو من أقام قواعد عسكرية في الصومال لتكون قواته على شاطئ خليج عدن؟.. أليس هو من أقام قواعد عسكرية في إريتريا لتكون قواته عند منابع النيل ليضغط على مصر والسودان بالتوافق مع الكيان الصهيوني؟.. أليس هو من نقل وينقل اليوم إرهابييه إلى ليبيا ليقاتلوا هناك إلى جانب بقايا «حكومة الوفاق» في طرابلس برئاسة فايز السراج “الإخوانية”؟ وإن كان هذا هدفه القريب.. أما البعيد فهو نصب قواعد عسكرية دائمة في شرق المتوسط لاعتراض خطوط نقل الطاقة والتنقيب عن النفط والغاز في الجرف القاري لكل من جيرانه قبرص واليونان.. أليس النظام التركي من دخل أصلاً في المعركة المفتعلة بين أذربيجان وأرمينيا بحجة حماية ونصرة «التركمان»، وهي الحجة والشماعة ذاتها التي دخل فيها إلى سورية وليبيا والعراق؟ وهو بذلك يحاكي السيناريو الصهيوني بالاحتلال والاستيطان وقضم أراضي الغير وتهجير سكانها، لتنفيذ حلمه بما يسمى «تركيا العظمى» على غرار الحلم الصهيوني «إسرائيل الكبرى».. وماذا يقول أوغلو عن الشراكة الإستراتيجية مع “إسرائيل” التي وصلت إلى أكثر من عشرة مليارات في العام 2020 رغم وباء “كورونا”، ناهيك عن التعاون العسكري والاستخباراتي والتدريب وتطوير الأسلحة التي يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني لجيش النظام التركي؟.

لقد سقطت استعراضات الوجاهة والأناقة والتشاوف الزائل للنظام التركي على أرض الواقع.. والنظامان التركي والصهيوني وجهان لعملة واحدة.. ولو كان صحيحاً ادعاء أردوغان وحزبه «العدالة والتنمية» الذي يفاخر بأنه الوريث الشرعي للإخوان المسلمين في المنطقة ورأس حربته.. وأنه حامي الإسلام والمسلمين.. والمؤتمن على الرسالة الإسلامية، لما فعل ويفعل ويعيث في مناطق المسلمين فساداً.. سنوات مقحلات مجدبات أهلكت الحرث والنسل ودمرت البلاد وهجرت العباد.. بل كان الأجدر به وهو الكاذب المنافق اللص الذي يجيد القفز من حبل إلى حبل، ومن شعار إلى شعار أن يطبق قوله تعالى: (كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفْعَلُونَ).. ولكنه يتلطى خلف الإسلام لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية.. والبقاء أطول مدة في السلطة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار