بدلاً من الإغلاق
كثيراً ما نسمع عن إغلاق محطات وقود وأفران لإرتكاب أصحابها مخالفات جسيمة، تستدعي العمل لتطبيق الأنظمة والقوانين، لكن اللافت للنظر أن منعكسات ذلك لا تكون باتجاه من ارتكب الجرم وحده، بل تتعداه إلى المحيطين به، ونقصد هنا أن المستفيدين من تلك الأماكن أي المواطنين الذين لا ناقة لهم ولا جمل من أفعال الفاسدين، فيدفعون الثمن في البحث مجدداً عن أماكن جديدة للحصول على المستحقات في ظل عدم الانتظام في توزيع الوقود على سبيل المثال، لما يشوب ذلك من تساؤلات عدة حول سوء الإدارة في هذا الإطار.
أمام تلك الحالة من عمليات الإغلاق هناك من يقول ويرى في الطرح فائدة مشتركة للجميع لخزينة الدولة وللمواطنين في الوقت ذاته، فبدلاً من عمليات الإغلاق للمخالفين المرتكبين تلك الجرائم، لماذا لا تقوم الجهات المعنية كلٌّ حسب موقعها وتابعيتها، سواء للوقود أم للأفران، بتشغيل هذه الأماكن من خلال كوادرها، فتبقى تعمل و عندها نوفر الازدحام على أماكن أخرى تكون بديلة عن الأماكن التي تم إغلاقها، ونضاعف الغرامات على المرتكب، ونخصص جزءاً من تلك الغرامات للكوادر النشيطة التي تدير تلك الأماكن بنشاط وحيوية وبصدق وأمانة، وعندها نكون قد حققنا مقولة: «نضرب عصفورين بحجر واحد».
ولتحقيق ذلك لا بد من تطوير التشريعات التي تضمن المزيد من الحزم والحسم في معالجة الأفعال المرتكبة من قبل الفاسدين، وكما يذكر نيلسون مانديلا: «لا يدافع عن الفاسد إلا فاسد.. ولايدافع عن الساقط إلا ساقط.. وكل شخص فينا يعلم عن ماذا يدافع».
فالتشريعات الحازمة تلزم من تسول له نفسه في التفكير بالطرق الملتوية أن يدفع الثمن غالياً، ليكون عبرة لغيره من المتلاعبين والفاسدين في عمليات الاحتكار والسرقات وغيرها من أساليب الاحتيال والتدليس.
في المقابل علينا تعزيز ثقافة التوعية على مستوى كلّ الفعاليات، وأن تأخذ كل الجهات دورها في تبيان الصواب والخطأ، ولا سيما الجهات التربوية والمنظمات والاتحادات المعنية وكذلك المؤسسات الدينية، وأن يمارس الجميع دورهم الإيجابي المنوط بهم، لتقديم الصورة البهية المنتظرة على صعيد القيم المجتمعية والالتزام بالأنظمة والقوانين، على أمل أن نزرع بذور المحبة والإصلاح في نفوس الناشئة لتكون قدوة في المستقبل القريب.