غرة مسرح الظل

ويبقى كركوز وعواظ الثنائي المسرحي الجميل الذي ألهب خيال السوريين مبدعاً ومبتدعاً على مدى تاريخ لا تمحوه الذاكرة، يؤكد في كل مناسبة مسرحية أنه كان عنواناً للتفرّد والإبداع المسرحي، القصة طويلة بدأت من قهوة “النوفرة” ومن قصص الحكواتي ومن مسرح خيال الظل، حيث القصص الاجتماعية والنقدية لكركوز وعواظ إلى أن وصل القطار إلى محطة المسرح الحقيقي على يد المبدع أبو خليل القباني الذي حمل هموم المسرح بكل شجاعة وجرأة وقدم أعمالاً مميزة .. ونرى اليوم أن مسرح الشباب يسير بخطى واثقة نحو نجاحات جديدة، حيث أثبت كفاءة وحضوراً جميلاً وراقياً رغم الظروف الصعبة ولا سيما الفرق الشبابية الجديدة الناشئة التي نجحت بالوقوف على المنصة بثبات وجرأة وقدمت عروضاً مقنعة ولاقت استحسان الحضور وتقديرهم . 

ما يعني أننا مقبلون على مرحلة جديدة نستعيد بها الألق للنهوض بالحركة المسرحية على الصعيد الداخلي أولاً والعربي ثانياً، وبالتالي إظهار الإمكانيات الفكرية والفنيّة العالية التي يملكها المبدع المسرحي السوري .
اليوم المسرح السوري وخاصةً المسرح الدرامي الفكري الجاد يعاني من مشاكل عديدة تمنعه من أن يشغل المساحة التي يستحقها على الصعيد الداخلي والخارجي. صحيح أن وزارة الثقافة تدعم النشاط المسرحي معنوياً ومادياً على قدر إمكانياتها وميزانيتها، وهي مشكورة على ذلك، لكن من يحبون المسرح ويعرفون قيمته يأملون أن يزيد دعمها للفن عامةً وللمسرح الجاد ومبدعيه خاصةً، لأننا فعلاً نحتاج إلى ذلك للنهوض بالحركة المسرحية على الصعيد الداخلي أولاً والعربي (أو العالمي) ثانياً..
تتحرك الدمى فوق مسرح العرائس بخفة ورشاقة تضحك وتبكي وتنتقد تتصارع وتتصالح وتقع وتنهض من جديد وفي نهاية القصة تنحني تواضعاً وحباً بالمشاهدين ..إنه الحماس وحب المغامرة والإنجاز يشكلون حافزاً قوياً لتجاوز الصعوبات ولا سيما اذا كان التحدي اعتلاء خشبة المسرح والبوح بكلمات ومواقف فيها الكثير من الدلالات والإشارات القوية التي تقال على المنصة ويصفق لها الجمهور كثيراً بعد أن وصلته الرسالة .. لكن عندما لا تكون هنالك ميزانية كافية ويضطر المخرج وكاتب النص أن يتكفل بدفع المصاريف من جيبه وأحياناً قد يتقاضى الممثلون أجوراً رمزية أو لا يتقاضون أي مبالغ ..في مثل هذه الظروف يمكن أن يخوض محبو المسرح التجربة مرة أو مرتين، لكن على الأغلب سيكونون عاجزين عن الاستمرار على المدى البعيد !.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار