دبلوماسية بلسانين!
أصبح من المسلم به أنه من الصعب أخذ الحقيقة من السياسيين الغربيين، فما يقال في الاجتماعات والمؤتمرات مع دبلوماسي غربي ينسف ويقلب حين وصوله إلى بلده، فالجديد ما أكدته وزارة الخارجية الروسية، بأن تصريحات ممثل الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعد وصوله إلى بروكسل تتناقض بشدة مع تصريحاته التي أدلى بها في المؤتمر الصحفي في موسكو.
هذه حالة واحدة فقط مما تعانيه السياسية الدولية بسبب التصريحات المزدوجة التي يتبناها المسؤول الغربي لأهدافه الخاصة والدعائية، ما يعيد عجلة الحوار الدولي إلى الخلف، إلى مكانها، قبل الشروع في جولة التفاوض التي تبدأ بالحوار، الذي هدفه تقريب وجهات النظر لإبعاد الخطر عن الساحة الدولية، ما ينسف كامل البناء الذي أريد التأسيس عليه من الحوار.
حتى العقود المبرمة نالها هذا الطبع الغربي في التملص منها -كما حدث بالاتفاق الدولي حول ملف إيران النووي- وخاصة عندما تدخل بورصة الاستثمار السياسي الداخلي في مواسم الانتخابات أو تغير وجهة المصالح.
لا يكفي الزعم على وسائل الإعلام الغربية بالرغبة بالسلام والحوار، بل الصدق بالحوار والالتزام بالعقود، فأغلب الحروب والأزمات الدولية انتهت بالحوار، لكن إن تم الاستمرار بهذا النهج الغربي من التضليل، فإن اللانهاية ستكتب للأزمات الدولية، مادام هذا الغرب يكذب، من أجل الاستثمار في الفوضى التي له اليد الطولى بها.
سورية كانت من أكثر الدول التي عانت من هكذا سياسات، فالتقارير عنها دائماً تخالف الواقع، والتزوير وقلب الحقائق سلاح استخدمه الغرب ضدها بعد ملامسة حقائق على أرض الواقع لا يريدها الجهاز الدعائي الغربي، كما نشير إلى المقاطع المجتزئة لمقابلات وسائل الإعلام الغربية مع الرئيس بشار الأسد لاستخدامها في غايات أخرى تقلب المفاهيم وتضلل الرأي العالم العالمي.
دخول الدبلوماسية الدولية في دوامة الكذب، وضع الأمن والسلم العالمي أمام مفارق خطرة ومنزلقات أحياناً تصعب العودة منها مرة جديدة، فالشفافية مطلوبة للتفاهمات الدولية، لكن طريقة تعامل الأوروبي والأمريكي المتعالية واستخدام دبلوماسية بلسانين مع بقية دول العالم الساعية للحوار، يشكل عقبة أمام السلم العالمي الذي ينشده الجميع.