عندما أنظر إلى الأطفال وهم يتجهون إلى مدارسهم صباحاً، يخطر ببالي عدم اهتمام بعض مدارسنا بمواد الموسيقا والرسم والرياضة، ووضعها في آخر الأولويات، على اعتبارها غير أساسية كالرياضيات واللغات والعلوم وغيرها، وبناءً على ذلك يخرج الطلاب من المدارس غير ملمين بأبسط بدهيات السّلّم الموسيقي، وبالتالي بعيدين كل البعد عن الغناء بشكلٍ صحيح، أو العزف على أي آلة موسيقية، وأيضاً من دون أي معرفة بموسيقانا، وأول (نوتة) صدَّرتها أوغاريت إلى العالم، وغير ذلك الكثير.
كما أنهم غير قادرين على تحديد مكامن جمال أي لوحة، ولا معرفة كيفية خلط الألوان أو التظليل، ولا حتى رسم أبسط الأشكال، بما فيها الوجوه لعدم معرفتهم بالنسب الثابتة بين العينين والأنف والفم والأذنين، ولا إمكانيتهم للربط بين عمق اللوحة وسطحها، ولا إنشاء علاقة بين القريب والبعيد تشكيلياً…
وفي الاتجاه ذاته تجد الطلاب غير مهتمين بتعلم قواعد أي لعبة رياضية، ولا إتقان التقنيات الخاصة بها، وكل هم أساتذتهم تفريغ طاقات تلاميذهم بلعبة كرة القدم من دون إيضاح قوانينها ومهاراتها، أو الركض لمسافات قصيرة والعودة منها خاليي الوفاض بلا استثمار لمقدرات الموهوبين منهم ولا من يحزنون.
والأمر ذاته ينطبق على المسرح المدرسي الذي في الإمكان استثماره في العملية التعليمية والتربوية على أفضل وجه، في حين إن أكثر ما يُفرح أساتذته هو التفريغ شبه الكامل من الدوام اليومي، والابتعاد عن الالتزام بتنمية مواهب الطلاب.
وبعد كل ذاك الإهمال يأتيك من يتساءل: لماذا لا يتحلى معظم أفراد مجتمعنا بروح رياضية أو ذائقة فنية رفيعة أو رهافة موسيقية عالية المستوى؟!