جلس رجل أعمى على إحدى عتبات عمارة واضعاً قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها:
«أنا أعمى أرجوكم ساعدوني»
مرّ من أمامه رجل إعلانات وتعاطف مع حاله وثيابه الرثة وقبعته التي لا تحوي سوى بضعة نقود و(فكة) قليلة.. وما كان منه سوى أن استبدل العبارة المكتوبة على لوحة الشحاذ بعبارة أخرى من دون أن يضيف في القبعة أي مبلغ من المال!
ومع مرور الوقت والأيام لاحظ الأعمى تغير الحال وتضاعف الإقبال على قبعته التي باتت تمتلئ بالأوراق النقدية بدل «الفكة» على غير المعتاد، وبأن ثمة أمراً قد تبدل، وما قلَبَ «عماه لبصيرة» تذكره حادثة مرور أحدهم وعبثه بلوحة تسوله من دون معرفة فحوى التغيير الذي أودى لكل هذا الأموال..
وفضوله جعله يسأل أحد المتبرعين للقبعة عما هو مكتوب في لوحته؟
فرد المتبرع وقال مكتوب:
«نحن في فصل الربيع، لكنني لا أستطيع رؤية جماله»
القصة انتهت هنا ولا أعلم إن كان المتسول فهم المغزى أم لا.. أم إنها تحولت لفيلم يصير فيه الأعمى من الأثرياء!!
إلا أنني أؤمن بالإشارات وبوجوب التعلم والاستفادة من كل حكاية نجاح، حتى لو كانت تسولاً على الطرقات، وعلى كل من يقرأ حكاية الأعمى إسقاط مغزاها على أجندة يومياته وعلى الخاصرة الرخوة بالذات، فمن كانت متزوجة وفي حيص بيص من أمر المصروف ونفاد الجبنة والبيض والزعتر والفروج والمازوت والشامبو و«دوا الغسيل»… وكماليات مطلوبة من صبغة وسيشوار وتاتو حواجب تزيدها جمالاً وتخفي علامات التقدم بالعمر والوجع وتحتاج المال.. الحل؛ الاستعانة بعقل رجل الإعلانات واستبدال موشحات «الشحادة» القديمة بأسطوانة محدثة تفي بتلبية المطلوب من دون انحسار ودلق ماء الوجه أمام الزوج المتربص وكشف (شحار) وجهك وقلبك المهموم أضعافاً مضاعفة عما يحمل الرجال، وأنت الزوجة والأم التي تبرر بين أطفالها قلة حيلة الأب المكلوم أمام خدمات مأزومة تحتاج هي أيضاً عقل رجل إعلانات يتسول العطاء بمهنية طلب ودهاء وجع وآه..