(كأنك يا أبو زيد ما غزيت) ..!
أطلقت محافظة اللاذقية في العاشر من الشهر الجاري حملة نظافة شاملة تستمر مدة عشرة أيام، وتطول المحاور والطرق الرئيسة والفرعية والوحدات الإدارية جميعها، وتشارك فيها مختلف الجهات العامة وبمؤازرة من الشركات الإنشائية التي قدمت الآليات اللازمة، وبالطبع الهدف هو تحسين واقع النظافة في جميع مناطق المحافظة، وبالتأكيد يمكننا وصف هذه الحملة وكل الأعمال المرتبطة بها بأنها خطوة إيجابية وتشكر عليها كل الجهات المبادرة والمشاركة.
لكن الخوف أن تضيع التكلفة الباهظة للفاتورة التي ستدفع لهذه الحملة والجهود الكبيرة التي ستقوم بها جميع الجهات سدى، وبالتأكيد كل هذه الجهود ستذهب أدراج الرياح إذا لم تترافق بحماية، والحماية هي بتطبيق قانون النظافة!!
فكم من الحملات التي قامت بها جهات رسمية، وكم من الحملات التطوعية التي أقيمت لتحسين واقع النظافة والتوعية لحماية الطبيعة والبيئة وغيرها من الأهداف والشعارات، لكنها وللأسف كانت جهوداً ضائعة، نتيجة الإهمال وعدم الحس بالمسؤولية، فلا تلبث الأماكن التي طالتها حملات النظافة أن تعود إلى ما كانت عليه من تراكم الأوساخ والنفايات والقمامة والأنقاض و«كأنك يا أبو زيد ما غزيت»، وكذلك كم من الحملات التطوعية للتشجير ضاعت سدى، وأصبحت الأشجار التي زرعت أثراً بعد عين، لأنها لم تترافق بمتابعتها بالسقاية والرعاية.
لذلك فإن هذه الحملات مهما اختلفت مسمياتها وأهدافها لا بد من رعايتها وحمايتها لتتكلل بالنجاح والنتائج الإيجابية وإلا ستبقى جهوداً ضائعة وهدراً للوقت والطاقات والمال.
وبالتأكيد المسؤولية تقع على الناس الذين يقومون برمي النفايات والأوساخ والأنقاض بشكل عشوائي، لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الجهات المسؤولة من المجالس المحلية والجهات الإدارية المعنية، فلماذا لا تقوم بحماية هذه الحملات والجهود من الضياع من خلال تطبيق قانون النظافة وكل القرارات ذات الصلة بشكل صارم ومخالفة ومعاقبة كل من يرمي النفايات بشكل عشوائي.
فهذا القانون هو قوي وفعال بيد المجالس المحلية، وهذه رسالة لوزارة الإدارة المحلية للتشدد بهذا الموضوع، والذي يمكن من خلاله أن نحقق عدة فوائد، كالحصول على موارد مادية إضافية لخزينة تلك المجالس نتيجة المخالفات، والأهم هو إظهار المدن والشوارع والطرقات وكل المناطق بصورة نظيفة وحضارية ولائقة، وبالتالي توفير الكثير من الأموال والجهود التي تكرس لعملية تحسين واقع النظافة يومياً.