“الديمقراطية” المزعومة
يحتل المشهد الأمريكي واجهة الأحداث، مع تسارع التطورات الساخنة، فالرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، المتهم اليوم أكثر من أي وقت مضى بالخطر على أمن الولايات المتحدة واستقرارها بعد تحريض أنصاره على العنف، يواجه غداً الاثنين إجراءات عزله للمرة الثانية، في حدث غير مسبوق في التاريخ الأمريكي.
المعسكر “الديمقراطي” الذي يقود مشروع قرار مساءلة ترامب وعزله بموجب التعديل 25 في الدستور الأمريكي, يأمل أن يفلح هذه المرة بتنحيته عن منصبه قبل عشرة أيام من انتهاء ولايته، خاصة بعد أن أبدى أعضاء “الكونغرس” انفتاحهم على إمكان إطلاق إجراءات عزل جديدة، وأسرّ نواب “جمهوريون” بأنهم سيصوتون هذه المرة لصالح عزل ترامب.
الالتفافة “الجمهورية” جاءت على إيقاع التململ الذي بدا واضحاً داخل حزب ترامب وإدارته، فقد أدى سلوكه المتطرف والخطر إلى انشقاقات “جمهورية” تجسدت بمطالبة ترامب بترك منصبه على الفور، واستقالة كثيرين من كبار المسؤولين في إدارته التي باتت على حافّة الانهيار بعد أعمال العنف التي اجتاحت مبنى الكابيتول، وهزّت أميركا وأثارت صدمة في العالم،حيث تعرّت “الديمقراطية الأمريكية” المزعومة.
رفض ترامب للاستقالة وللتراجع عن تكرار أسطوانته المشروخة حول “تزوير” الانتخابات، زاد من حدة المخاوف من أن يقدم على عمل جنوني في الفترة المتبقية من حكمه، خاصة بعد أن تعهد أنصاره بالاحتشاد مجدداً إلى واشنطن في 20 الشهر الجاري، موعد تنصيب بايدن، مدفوعين بالجرأة بعد اقتحامهم مبنى “الكونغرس” الأربعاء الماضي، والذي أسفر عن خمسة قتلى.
كل ما يرشح عن المشهد الأمريكي يشي بأن خطر العنف لا يزال مرتفعاً مع إصرار أنصار ترامب الذين يحمل الكثير منهم السلاح، على اللجوء إلى إجراءات متطرفة، انطلاقاً من اعتقادهم الذي حرّض عليه ترامب، بأن الرئيس الجديد “لم ينتخب بشكل شرعي”.
وسواء نجح “الديمقراطيون” في عزل ترامب هذه المرة أم لم ينجحوا، فإن مجرد التهديد بالعزل للمرة الثانية تعد سابقة في التاريخ الأمريكي وضربة قاصمة له حتى وإن لم يتحقق، لأنه يقطع الطريق عليه أمام أي تفكير باستعادة السلطة بعد أربعة أعوام إذا فكر بذلك، لأنه فقد ما تبقى له من مكانة وتأثير داخل حزبه ناهيك عن جملة الدعاوى القضائية التي ستلاحقه بعد مغادرته البيت الأبيض.