سعادة مزيفة
غريب وعجيب فعلاً ما يحدث ليلة عيد رأس السنة، حيث تتحول اللحظات الأخيرة لوداع العام المنصرم إلى ساحات من النزال والسباق للمبارزة بإطلاق الرصاص العشوائي والمفرقعات والألعاب النارية، والساحات مفتوحة لإبراز العضلات في زج أكبر كمية من المفرقعات المختلفة بأشكالها وأصواتها.
وللأسف خلال هذه الاحتفالات نحصد كل عام الكثير من الضحايا، قتلى ومصابين, إضافة للمزيد من الأضرار المادية المختلفة، فأمام التراخي بتطبيق القانون تتكرر هذه الظاهرة المتخلفة وغير الحضارية، رغم كل التهديدات والتحذيرات من إنزال أقصى العقوبات بالحبس والغرامات المادية لكل من يتاجر بهذه المواد أو يتعامل بها أو يطلقها، لكنها تبقى مجرد حبر على ورق.
وفي خضم هذا الواقع نحن بحاجة إلى محللين نفسيين لمعرفة الأسباب المرضية والنفسية التي تجعل فئة من الناس يعشقون إطلاق النار ويشعرون بالمتعة والسعادة بسماع أصوات المفرقعات أو الرصاص، فهؤلاء على ما يبدو يرون أن لديهم طاقة فائضة من الفرح والسعادة أو على العكس طاقة فائضة من الحزن لا يمكنهم التعبير عنها أو تفجيرها سوى بإطلاق الأعيرة النارية والمفرقعات، والسؤال: ما هي تلك المتعة بسماع هذه الأصوات القوية والتي لا تتعدى أجزاء من الثانية ويدفع من أجلها أموال خيالية..؟
فعلاً يشعر المرء بالخجل والأسف، وخاصة في ظل الظروف الحالية والقاسية، لتلك الأرقام المرعبة من الأموال التي تضيع سدى وتهدر من دون أي فائدة، ثمناً لسعادة مزيفة، لسماع صوت تلك المفرقعات أو الرصاص والأقوى لمن يصدر الأصوات الأقوى ويستمر لفترة أطول ويدفع أو يهدر أكثر، وفي النهاية تذهب هذه الأموال لخزائن الدول أو الشركات المصنعة أو لتنتفخ أكثر جيوب تجار المواد الممنوعة والمهربين.
وفي نهاية المطاف يحق لنا التساؤل: كيف تدخل وتهرب هذه المواد بسهولة، ويصرف عليها العملات الصعبة، في حين يطبق كل أنواع الحظر على العديد من المواد الأخرى؟ ولماذا تكتفي الجهات المعنية بدور المتفرج إلى درجات التحذير، في حين لا نرى أي ترجمة لهذه التحذيرات على أرض الواقع، وفي ظل هذا التراخي سنرى كل عام المزيد من الضحايا!!!!