الولد السيء
التساؤل الذي يطرح في العديد من الأعمال الدرامية، ومنها على سبيل المثال في المسلسل الشهير للكاتب ممدوح عدوان “الزير سالم”، لماذا كان للزير الحصة الأكبر من الحكاية، وصولاً إلى أنه أخذ اسم المسلسل والسيرة الشعبية، بدلاً من وائل أخيه، رغم أن الزير هو (الولد السيء) ووائل هو الولد الجيد؟.
هذا التساؤل يطرح على شكل تهمة يتقاذفها كلا الجنسين بينهما، فالجنس اللطيف يتهم الجنس الخشن، بأنه يفضل الفتاة اللعوب، والصبيان يردون التهمة للبنات بأنهن يفضلن “كازانوفا وأمثاله”.
لماذا بدأنا بالدراما؟
لأن للدراما دوراً في ترسيخ هذه اللعبة، ليس فقط لجهة النص المذكور، وكاتبه هنا لا يتحمل وزر ذلك، لأنه ببساطة ناقل أو مستند على سيرة شعبية قديمة، ترسخ تفضيل الولد السيء.
في أمثلة مختلفة، يخطئ كتّاب الدراما والسرد بما يعتبر أكبر خطأ، وهو حماية أبطالهم، وهم في المقابل يقومون بإعطاء خصومهم “الولد السيء” الحصة الأكبر والأمتع والأكثر عمقاً، بحيث نفهم شخصيته أكثر من شخصية البطل!.
تماماً كما نمارس ذلك في التربية عندما نقوم بحماية أطفالنا، فنقوم بالصراخ عليهم إن هم حاولوا صعود السلم مثلاً، وفق مبرر مسبق “الحماية”، هذه الصرخة لا نسمح له بمواجهتها حتى!، فتصبح جرحاً داخلياً.
في الكتابة والحياة، إذا كانت الشخصية لا تستطيع تحقيق هدفها إلا إذا واجهت جرحها الداخلي، فلماذا لا ندعها تواجه ذلك الجرح؟.
التجربة ضرورة للإنسان ومهما حاولنا إبعاد التجربة، فهي لا بد آتية، في الكتابة كما في الحياة، لا بد للوصاية أن تنتهي، وأن يخرج الأبناء إلى الحياة، وفي الكتابة المسألة محدودة بشارة النهاية أو غلاف الرواية، وإن انتهت دون تجربة حقيقية، عندها ستفشل الشخصية إذ لا أحد يريد متابعة شخصية مملة.
الأمر لا يقف عند التربية والكتابة، فنحن بالعقلية ذاتها نتعامل مع الوطن، هكذا وبكل بساطة يصبح المنفى هو البطل، ويتنحى الوطن عن دور البطولة لأننا مازلنا نصر على إظهار الوطن بالصورة الأنصع، دون أن نسمح له بمواجهة جروحه الداخلية، لا بل نصر على كتمانها وعدم وجودها، ونحن نظن أننا بذلك نحميه!الجر