حتى الرمق الأخير
من المؤكد أن السبل ضاقت أمامنا في تأمين الحدّ الأدنى من تفاصيل الحياة اليومية إلى حدّ الاختناق، وحتى التندر أو النكتة على ما وصلنا إليه للاستقواء على هذه الظروف لم نعد نجيده، وهذا له مؤشر يتيم فقط هو أننا وصلنا الى الرمق الأخير من أنفاسنا.
بعد سنوات طوال من حرب طحنت كل شيء ذقنا فيها كل ألوان وأشكال المرارات، تأتي (ثلة) من المتاجرين بلقمتنا، والذين لم يرحموا أحداً منا – بل مسلسل (النهش) في لحومنا مستمر من كل حدب وصوب .. والاستثمار فيما تبقى من فتات (الفتات) بغية تحقيق المزيد والمزيد من الأرباح هو أكبر أحلامهم – وهذه الفترة فرصة ذهبية لهم لجمع ما تيسر من ثروات لأنهم من يتحكم في كل شيء حتى في أنفاسنا ..!
ولأن أقصى أحلامنا أصبح أن نؤمن متطلباتنا المعيشية بالحد الأدنى.. ولأن الحاجة وصلت بالبعض إلى عدم القدرة حتى على تأمين كفاف يومهم، بسبب الارتفاع الفلكي للأسعار الذي يفوق قدرة أي أسرة مهما تعددت جبهات العمل لديها، وفي المقابل فإن الجميع يدرك الأسباب التي تعود للعقوبات الاقتصادية الجائرة، ولكنه يدرك أيضاً أن أسعار مواد ذات إنتاج محلي وبتكلفة بسيطة أصبحت تباع وفق سعر الصرف..! والخوف أن يصبح الهواء الذي نتنفسه وفق سعر الصرف..!
فهل تتحرك الجهات المعنية من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وغيرها من الجهات الرقابية، بتشديد الرقابة على الأسواق وتشديد العقوبات وتسيير دوريات الرقابة بما يضمن عدم التلاعب بلقمة المواطن (المسكين) ، الذي احتار بأمره إلى أين يتجه، إلى التاجر الذي ابتلعه هو و الفتات من راتبه، أم إلى مؤسسات التدخل الإيجابي التي لم يلمس لها أثراً إيجابياً بفرق الأسعار عن الأسواق الأخرى.. ويبقى السؤال إلى متى؟ لقد وصلنا إلى الرمق الأخير .؟!!