صناعة اللجان!
واقع القطاع العام الصناعي لم يعد خافياً على أحد لما يعانيه من عثرات, والتي باتت معروفة للقاصي والداني من قدم لخطوط الإنتاج الذي يجعل من منتجاته تعاني الكثير من الهدر والعيوب, للوصول إلى منتج يتمتع بجودة تمنحه البقاء والمنافسة، إن كان لجهة ارتفاع تكاليف الإنتاج المتمثلة بارتفاع حوامل الطاقة أو كان لجهة نقص قطع التبديل وصعوبات تأمينها من الشركات الصانعة التي تفرض حصاراً جائراً على البلد وصعوبات تأمين القطع الأجنبي اللازم لها ونقص العمالة الخبيرة والكفوءة..
واقع القطاع العام الصناعي لا يحتاج الكثير من الدراسات والبحوث وتشكيل اللجان الجديدة مع قدوم كل جديد على رأس هرم الصناعة …عشرات بل مئات اللجان والدراسات و(الأضابير المكدسة) في المستودعات يكسوها غبار الإهمال ويكفي فقط العودة لهذه (الأضابير) ونفض الغبار والترهل عنها والعمل بما سبق أن توصلت إليه من توصيف دقيق لواقع هذا القطاع و تشخيص من خبراء الصناعة بالاستناد إلى خبرات محلية وأجنبية ووضعت لها الحلول الملائمة والوصفات الصناعية التي يمكن أن تنتشل هذا القطاع من عنق الزجاجة الذي وضعته فيه إدارات الإهمال على مدار سنوات طويلة والعمل على تحديث بيانات هذه الدراسات وفق الواقع الراهن بعد أن أضافت الحرب الإرهابية مزيداً من المشكلات لهذا القطاع.
وقد يكون من الصعب حالياً بسبب تداعيات الحرب ضخ الأموال فيه لكونه يحتاج لأرقام كبيرة في ظل الحصار الغربي الأمريكي الجائر أحادي الجانب وبعيداً عن الشرعية الدولية لكن يمكن اللجوء إلى وضع خطة زمنية محددة بتناول كل شركة على حدة ومعالجة واقعها وليكن خلال عام مثلاً وتركيز الإصلاح عليها وهكذا في غضون سنوات عشر يمكن أن نصل بالقطاع إلى واقع أفضل من أن نضع حفنة من مال في الكل, فتضيع كمن يضع رشة من ملح في برميل ماء فلن تمنحه مذاقاً مالحاً … أما أن تبقى عملية الإصلاح رهينة نقص التمويل والإيرادات والوعود بتأمينها فمن المستحيل أن يبلغ إصلاح القطاع العام الصناعي مبتغاه ومن المستحسن تطويره خطوة خطوة, مع أن المعنيين بالصناعة أهدروا كثيراً من الوقت على مدار السنوات بتشكيل اللجان وتكديس أضابيرها في أرشيفهم وما أكثرها!.