أخيراً، وبعد أشهر من المناوشات (الابتزاز والمساومات) استقر مجلس الأمن على مبعوث جديد لليبيا هو البلغاري نيكولاي ملادينوف ليكون المبعوث الأممي السابع بعد كل من الأردني عبد الإله الخطيب، البريطاني إيان مارتن، اللبناني طارق متري، الإسباني برناردينو ليون، الألماني مارتن كوبلر، واللبناني غسان سلامة. جميع هؤلاء انتهوا إلى الفشل أو تم إفشالهم.. لا فرق، ففي النتيجة كانت ليبيا تتجه دائماً من سيئ إلى أسوأ فالأسوأ، ولا زالت، مع توسع دائرة المتآمرين والمعتدين.
طبعاً المبعوث الجديد سيرث الحال نفسه، وهذا ليس حكماً مسبقاً.. وبالتالي ليس من المستبعد أن يصل إلى الفشل نفسه، بل هو المتوقع بحكم المعطيات على الأرض.. ولو فرضنا أنه لم يتم تعيين مبعوث جديد، وبقيت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني وليامز، هل كان ليتغير شيء.. وما الذي سيفعله ميلادينوف ولم تفعله وليامز التي أدارت البعثة الأممية طيلة الأشهر الماضية بعد استقالة سلامة في آذار الماضي، علماً أن مسألة الفشل والنجاح في ليبيا ليست مرتبطة كلياً بالأمم المتحدة ومبعوثيها، بقدر ما هي مرتبطة بالأطراف الخارجية التي تعيد تدوير الأزمات في ليبيا، وبعبارة أدق تعيد تدوير الحرب، طالما أن مصالحها مهددة أو أن التسويات التي يتم التفاوض حولها لا تحقق هذه المصالح التي هي في أصلها أطماع وعمليات عدوان واعتداء على ليبيا وثرواتها.
وكان لافتاً تزامن تعيين ميلادينوف مع التصريحات المتواترة عن فشل جديد لمسار التفاوض الليبي الذي انطلق بداية هذا العام.. وأيضاً مع تحذيرات من عودة الاقتتال على الأرض بشكل أوسع وأخطر، وذلك مع تلويح “حكومة” فايز السراج بالانسحاب من الهدنة التي تم إقرارها قبل نحو ثلاثة أشهر، واستمرت هذه الهدنة على غير التوقعات حتى تم اعتبارها النجاح الوحيد منذ اتفاق الصخيرات 2015 علماً أن هذا الاتفاق -في إطار التداعيات التي تلته في السنوات الخمس الماضية- لم يكن اتفاقاً ناجحاً بل كان تمهيداً لتقسيم ليبيا بين غرب وشرق.
هذا الحال هو المطلوب لليبيا وهو المستقبل الذي يريده لها المتآمرون.. ومن يتتبع سير السنوات العشر الماضية لن يحتاج كبير عناء ليدرك أنه كلما لاحت نافذة أمل للحل في ليبيا سارع هؤلاء لإغلاقها، وبالذريعة نفسها التي تقول بأن “الليبيين هم المختلفون وهم الذي يتقاتلون”.