كثيرة هي المفاهيم والمصطلحات التي طرحها السيد الرئيس بشار الأسد في الاجتماع الموسع للسادة علماء الدين في جامع العثمان بدمشق، وأوضح بكثير من العمق والشفافية العلاقة القائمة بين الدين والمجتمع، وبين الإسلام والعروبة، وفي الوقت نفسه ميّز وبكثير من الصّوابية بين مقاصد كل من العلمانية والليبرالية، والليبرالية الجديدة، وموقع المجتمع والفرد من هذه التيارات، وما تهدف إليه.
بالطبع نحتاج إلى كثير من الحوار والمناقشة لبلورة الحقائق الأساسية والمطلوبة لتحقيق إنسانية الإنسان، وللتمسك بكل العقائد والثوابت والمقومات والفضائل التي تضمن للإنسان إنسانيته وفعاليته في سياق مجتمع متطور ومتقدم ومتنور، ومن هنا فقد وضع الرئيس الأسد النقاط على الحروف لقضايا فكرية وعقائدية هي قضايا مديدة، وأكد أنه في «القضايا الفكرية ما قد نكسبه يكون من الصعب التخلص منه، وما قد نخسره من الصعب استعادته».. هي إذاً حرب فكرية تتوجه باتجاه العقائد، وأن المشكلة تكمن في تحديد هوية العدو الحقيقي الذي وضع هدفاً يتمثل بتحقيق الانهيار الاجتماعي ليعقبه انهيار سياسي.
وعند الحديث عن المجتمع وانهياراته، فسرعان ما يقفز إلى الذهن ما يسّوق له تيار “الليبرالية الجديدة” التي تشبه الآن الحديث عن تسويق الديمقراطية بالنسبة لأميركا، إذ يقول الرئيس الأسد إنهم «يستخدمون الديمقراطية من أجل الهيمنة على الشعوب، ويستخدمون حقوق الإنسان من أجل شن الحروب». وللوصول إلى أهداف “الليبرالية الجديدة” يزرعون الأضاليل وعمليات النفاق، وتزييف الحقائق، والانقضاض على المسلمات، عبر كبائر ليتخلى المجتمع عن مبادئه، ولينسلخ الفرد- الإنسان عن أسرته وعن مجتمعه وحتى عن دينه بما يناقض طبيعة الإنسان.. وأساس منهج “الليبرالية الجديدة” تسويق الانحلال الأخلاقي على مبدأ السرطان، وفصل الإنسان عن المبادئ أو القيم أو الانتماء والمثل، بل إن الوقائع أكثر من أن تحصى، وهو ما يعني بالضرورة ليس فقط رفض المسوغات التي تطرحها وتنطلق منها “الليبرالية الجديدة”، بل أيضاً امتلاك كل الوعي بمقاومة التوجهات الخبيثة والسامة لهذه الليبرالية والتي تطور إلى “ليبرالية جديدة” وباتت اخطر من الرأسمالية المتوحشة أو الإمبريالية في أعلى مراحل الرأسمالية، ولا يكون ذلك إلا بالردع وتحصين الذات الوطنية والقومية، أو حماية الإنسانية في مواجهة محاولات دفعها في الاتجاه الذي تعمل الولايات المتحدة والدول الغربية الاستعمارية على تسويقه سواء بالانحراف وبالانسلاخ عن الأسرة، أو بقيادة المال والغريزة وفي الهجوم على مجتمعاتنا العربية والإسلامية بقصد ضرب إنسانية الإنسان.