تجار المصائب
مذ رواها وهي في مخيلتي لا تبارحني:
القصة أن هذا الزميل طلب من صديقه الذي عاد بربطتي خبز من الفرن أن يعطيه قطعة خبز من مخصصاته التي فاحت رائحتها الشهية ، فرفض صديقه من دون أي إحراج أو تردد، فنظر إليه بدهشة تشبه الصدمة، لكنه استمر في عرض أسبابه ومبرراته كقوله: إنه لا يستطيع أن يعطيه حتى قطعة صغيرة، لأن الربطتين اللتين عاد بهما من الفرن بعد انتظار ساعات وساعات يجب أن تكفيا أسرته لمدة يومين.
قال له صديقه: هذا سعر القطعة، لكن الآخر استمر بالرفض, مؤكداً أن مبلغ الخمسمئة ليرة الذي يدفعه صديقه لن يشتري له ربطة من أمام الفرن التي وصلت إلى نحو ألف ليرة!
كانت الأمهات اللواتي يرغبن في تعليم أبنائهن حب العطاء يضعن للابن «سندويشة» له، وأخرى لزميل له قد يكون جائعاً، ربما كانت زوجة هذا الرجل تعمل الأمر ذاته قبل أن يعزّ عليهم وعلى غيرهم من الأسر الحصول على رغيف الخبز.
هذا «الخنيق» الاقتصادي بدأت تصاحبه سلوكيات وأخلاقيات جديدة لم تكن شائعة أو معهودة سابقاً، ولأن هنالك الكثير من الجاهزين للاستثمار في كل شيء يكثر أيضاً المستثمرون في مصائب الناس وحاجاتهم الغذائية، فهنالك من يستثمر أبشع استثمار في حاجة الناس لسقف يؤويهم ويستغلهم بأسعار خالية من أي رحمة.
سلوكيات التوحش للكثير من الذين يستغلون مصائب الناس تدفعك دائماً للتساؤل عن عجينة هؤلاء البشر الذين لا يجدون في كل مصائب الناس سوى تكديس مزيد من الأرباح لهم؟