عشر سنوات عجاف مرت على فيروس “الربيع العربي” الذي انتشر كالنار في الهشيم وبسرعة تفوق سرعة انتشار “كورونا ” تحت رعاية مشبوهة من أمريكا والغرب عموماً وبتمويل سخي من بعض ممالك ومشيخات الخليج وبذراع تكفيرية متطرفة، وبشعارات من عيار “الحرية والديمقراطية” التي عملوا على نشرها بالسيارات المفخخة وقطع الرؤوس بالسواطير، وكانت “بشائر” الانحراف الأخلاقي تشريع “جهاد النكاح” واغتصاب “السبايا”، وتساءل الكثيرون عن تلك الطفرة المتطرفة وعن التحالف المشبوه بين الغرب والإرهاب وأنظمة التخلف والعبودية ليس لتغيير الأنظمة وإسقاط الدول الوطنية فقط وإنما لتسويق أفكار مسمومة تنسف كل القيم الأخلاقية والدينية وتفكيك كل الروابط الوطنية والقومية والأسرية والفكرية والعقائدية وذلك لنشر “الفوضى الخلاقة” واستباحة المنطقة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.
لقد تم التحضير لفورات “الربيع العربي” من خلال إطلاق عشرات بل مئات من الفضائيات والمواقع الإلكترونية قبل عقدين من الزمن لفصل الإنسان عن أي مبادئ أو قيم أو انتماء أو عقائد من أجل الوصول إلى أهداف وضعها “المحافظون الجدد” ومنظرو “الليبرالية الجديدة” حيث كانت مجتمعاتنا العربية ضحية هذا التوحش الليبرالي وما تزال المواجهة مستمرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وقد حققنا في سورية إنجازات مهمة في إفشال أهداف تلك الحرب العسكرية والفكرية والثقافية وعلينا بذل المزيد لتجاوز آثارها السلبية من خلال تعميق الوعي الثقافي والعقائدي وتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة للتغلب على آثارها الاقتصادية.
إن ما نشهده في أمريكا هذه الأيام من تمسك ترامب بالسلطة ورفضه لنتائج الانتخابات وخسارته الدعاوى القضائية في الولايات وفي المحكمة الدستورية العليا وإصراره على اتهام الجميع بالكذب والتزوير وسرقة الانتخابات هي اتهامات كانت سابقاً توجه للدول والمنظمات الدولية ولكل من يخالف السياسة الأمريكية وهي الآن توجه لكل الأمريكيين الذين لا يتحيزون لجنون ترامب الذي أوصل أمريكا والعالم إلى حافة الهاوية، وهذا ما يشير إلى أن “الليبرالية ” لم تعد مزاوجة بين الديمقراطية والحرية الاقتصادية وإنما مزاوجة بين الاستباحة وكل الموبقات التي عرفها البشر لتحقيق الأوهام الاستعمارية ولو كان ذلك على جماجم الآخرين!