بعيني حاذق ووجه باهت رسم أبو أحمد على وجنتيه ابتسامة ساخرة منادياً زوجته بأعلى صوته:
(اسمعي يا أم أحمد ماهي إلا أيام ويأتي العام الجديد وأنا كما كل عام أحاول ترتيب أجندة حساباتي وأولوياتي والإفصاح لك عن مشاريعي الجديدة للعام المقبل).
على بعد أمتار وبينما هي منهمكة في تحضير حساء (الشوربة) الذي لم تجد (أبرك) منه في سد جوع أطفالها الثلاثة وأقل تكلفة على راتبها وزوجها المتآكل, لاتبدي أي تفاعل بل تستمر في إعداد غداء اليوم وكأنها لم تسمع شيئاً, يقترب أبو أحمد منها: ألا تريدين أن تعرفي ماهي خططي الجديدة؟ ترمقه أم أحمد بنظرة ساخرة وهي تقول: (تفضل أطرب آذاني بقراراتك) يرفع أبو أحمد رأسه عالياً محركاً إياه بفخر يفتل شعر شاربيه برؤوس أصابعه قائلاً:(قررت أن أتخلص من سوسة التدخين فالإنفاق على الأولاد أولى من هذا السم الهاري), ويتابع: (كما قررت أن أبحث عن وظيفة أخرى لي فتتركين العمل و أجعلك ملكة على عرش بيتك كما قررت أن أصطحبكم في نزهة كل شهر الى أي مكان أو مطعم تختارونه)
يهم أبو أحمد بالمتابعة فتقاطعه زوجته منفجرة بقولها(شبعنا أحلام وقرارات وخطط, ابو أحمد لم يعد هنالك بصيص أمل لتصديق مخططاتك فمنذ عشر سنوات وأنت تريد التخلص من سوسة التدخين والبحث عن وظيفة أخرى تريحني فيها من العمل خارج المنزل وداخله، ماذا حصل بوعدك لأولادك برحلة البحر ووعدك لي بشراء (جزمة) جديدة ووو..)
ببرود واضح وتعجب بادٍ قاطع أبو أحمد زوجته قائلاً : كم أنت نكدية فعلاً وماذا فيما إذا تحققت مخططاتي هذا العام حتى أحلامي لم تعودي تودين سماعها؟ أم إنك نسيتِ أننا نعيش على قيد الأمل منذ سنوات في التنعم بالكهرباء والتخلص من أزمة البنزين والخبز والمازوت وووو.. وقفت القصة على أحلامي؟
مع اقتراب حلول العام الجديد بدأت أغلب الوزارات تطلق الوعود عسى أن يأتي بابا نويل حاملاً إياها في عربته فهاهي النفط قد بشرت بأننا لن نكون بحاجة لاستيراد النفط لعدة أشهر قادمة وكذلك نظيرتها التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي أكدت أننا لم نعد نحتاج لاستيراد السكر والرز والقمح لعدة أشهر قادمة وأيضاً وزارة الزراعة التي كشفت أننا لم نحتج لاستيراد الأسمدة.. وعود وأمانٍ (ببلاش) كما يقال, ولكن السؤال: هل لايزال المواطن يجد تلك التأكيدات جرعة أمل, أم بات يعتبرها استخفافاً به ولعباً بمشاعره؟