من يضيء الشموع؟
هل ما يزال كنزك الدافىء في متناول قلبك وعينيك ؟
كم مرة عانقت أمك؟ هل أخبرتها كم تحبها وأنك شاكر لفضلها ورعايتها ؟
ما بال هؤلاء ..ممن يجهلون ما تعنيه دعوة مباركة من الأم لأولادها في ليل مدلج ! أية أنوار وأية عطايا وأي حفظ يحيط بهم وبعائلاتهم ؟
أن تكون أمك قريبة منك ..وأنت بعيذ عنها ..فهذا هو الحرمان !
بات وجع الأمهات من بعض أبنائهم وبناتهم يسمع حتى النمل في أوكارهم ..يبحثون عن نظرة عطف وحنان من أولادهم وأحفادهم ..وينتظرون اليد الصغيرة التي طالما قبلتها الأم بشغف ومحبة أن تمسح عرقهم بعد أن كبروا وضعفت قوتها .!
اغمضت عينيها تذكرت أياماً مضت كانت تهرع الى حضن أمها …صباح الفل والياسمين لك أيتها الأم العذبة ..بك نبدأ يومنا بعناقك وقبلاتك وبك نزين آخر صورة نطبق عليها رموشنا لنكمل مشوار الفرح في أحلامنا ..نذكر كلاماتك الذهبية وصوتك هديل الحمام ونحن نختبئ في أحضانك “طالما توجد أم ..لا يوجد هم ”
اليوم كبرنا يا أمي خرجنا من عباءتك ..وصار القلق يضنينا ونخشى على صغارنا وصغيراتنا ..كم من الأيام مرت وهمسات دعاءك تحرسنا وتحمينا وتراتيل قرآنك وكتبك المقدسة يغمرنا بالهدوء والسكينة ..وصار الغياب عنك محكوما لطول انشغالنا وأعمالنا لكن زحمة الحياة وأمواجها العاتية لا تلبث أن تقذف بنا الى شاطئك فنركع في حضرتك ونخفض أجنحتنا لرحمتك وعدالتك .
أيتها الأم العذبة لا ندري كيف نالت الحرب من قلبك فأشعلت به النار وأحرقته وأكلته وكيف بقيت كالسنديانة المباركة تطلقين صيحات الحماس والبطولة وتتوجين أبناءك الشهداء بزغاريد العرسان وتنثرين العطر في مواكب العز وفوق رؤوس الجنود الأبطال ..فكانت وصاياك وحبك الرصاصة في وجه المجرمين والقتلة والخائنين ..
ياأمنا الرائعة أمام أحزانك وجراحك وصمتك لا أجد ما يقال سوى دموع تغسل الوجوه التي أطفأها الظلام ..اليوم أنت وحدك تزرعين القمح وتخبزين للفقراء وتطعمين أبناءك وترقعين أثوابهم وتخيطين للصبايا فساتين العرس في انتظار عودة البواسل ..اليوم يا أمنا زاد حملك وكبر همك وفوق صدرك جبالا من الأنقاض والخراب ..وأنت أيتها المباركة والطاهرة تزفين الشهداء وفلذات الأكباد وتقدمين من التضحيات ما يعجز عن وصفه الأقلام بدماء أحبابك بصور ذكرياتهم الغالية وتنهضين أمام الواجب المقدس في محراب الوطن الغالي بارادة وقوة وبسالة لامكان للمتخاذلين والجبناء والوطن المبارك لن يدنسه الغرباء مهما بلغت قوتهم ومهما تعاظم ارهابهم وإجرامهم أنت ياأمنا الشجاعة نعدك بكل الحب والتضحية والشجاعة التي أرضعتها أبناءك أننا من هذا البلد الطيب ومن فوق ترابه الطاهر سنصنع نصرا وسلاما وحبا يضيء العالم بأنواره ويكون قصة خالدة للبطولة تليق بأم تودع ابنها الى جبهة العز والكرامة .