يداً بيد
دفعت ظروف العيش القاسية التي فرضها كلٌّ من الحرب والإرهاب على بلدنا و على مدار السنوات العشر الماضية وتبعاتها من حصار اقتصادي غربي جائر .. دفعت بالمرأة إلى سوق العمل وبقوة لاعتبارات عديدة سواء كانت لفقد الزوج أو المعيل أو كان لمساعدة الزوج والأسرة على تجاوز ضنك وصعوبة العيش ..
هذه الظروف القاسية التي دفعت بالمرأة للعمل في مجالات لم تكن تسمح بها العادات والتقاليد وحتى التفسيرات القاصرة للأديان .. فعملت في مجال قيادة سيارات النقل العامة ونقل الركاب وفي جباية وتحصيل فواتير المياه والكهرباء وبعض المهن التي كانت حكراً على الرجال .. ونزلت إلى الأسواق طلباً للعمل وتجنباً للفاقة والعوز .. ماعرّضها للعديد من الضغوط النفسية والجسدية وحتى للمضايقات من قِبل الرجال مستغلين بذلك حاجتها للعمل والعيش بكرامة في مجتمع مازال يجنح للذكورية تحكمه عادات وتقاليد بالية تتعارض مع بنود الاتفاقيات الدولية التي تحضّ على رفع الظلم عن المرأة ومساواتها بالرجل كاتفاقية (سيداو) التي تنص على مساواة المرأة والرجل في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وترفض كل أشكال العنف والتمييز ضدها وتحميها وتقف في وجه اضطهادها .. لاسيما أن سورية عضو في هذه الاتفاقية وسبق لها أن وقّعت على الانضمام إليها عام ٢٠٠٢ رغم أن الاتفاقية واجهت بعض التحفظات في بعض المواد ومن كل الدول المشاركة فيها على حد سواء ..
لكن ظروف الحياة والعيش المضنية دفعت بالمجتمع إلى تقّبل عمل المرأة ( على مبدأ .. مُكره أخوك لابطل ) ووجود المرأة و مزاحمتها الرجل في ميادين العمل ..
يبقى العمل بهذه الاتفاقية وتفعيل بنودها من أجل حماية المرأة وتوفير بيئة عمل مناسبة لها في تلك الميادين بعيداً عن الاستغلال لها في كرامتها وتشجيعها للوقوف إلى جانب أسرتها وبيتها والمساهمة الفعّالة في عملية البناء والإعمار في ظل النقص الحاد في العمالة والكفاءات التي تعانيها مختلف قطاعات الدولة ، وعدم إغفال دورها الكبير كنصف حقيقي للمجتمع وربما أكثر من النصف بعد أن هَجّرت وقتلت الحرب كثيراً الشباب.. وبقيت ميادين العمل تعاني نقصاً في الكوادر والمؤهلات، والمرأة خير من يملأ الفراغ ويسد عجز العمالة وندرتها ويداً بيد مع الرجل لإعادة البناء وما دمرته الحرب ..